تختلفُ شرائعُ الأنبياءِ، وتتَّفقُ عقائدُهم وأصولُ عباداتِهم للهِ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (وَالأَنبِيَاءُ إِخْوةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ)؛ رواهُ البخاريُّ (١).
والدِّين هو أصُولُهم، والأُصُولُ كالأَنْسَابِ، فيُنسَبُ الأبناءُ لآبائِهم وإنِ اختلَفَتْ أمَّهاتُهم وتعدَّدتْ، وأبناءُ الأمَّهاتِ مَحَارِمُ لأزواجِ آبائهم؛ يعني: أن أصولَ فُرُوعِهم وإنِ اختلَفَتْ فتَختلِفُ صورةً، وَيَبْقَى التَّشابُهُ في أصلِ التشريعِ؛ فالصلاةُ شريعةُ الأنبياءِ واحدةُ، ولكنْ تختلِفُ في صورتِها وعددِها ووقتِها.
والعقائدُ عليها فُطِرَ الإنسانُ، واختلافُ العقائدِ وأصولِ الشرائع تبديلٌ للفِطرةِ:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}[الروم: ٣٠]، وإذا غُيِّرَت أصولُ العقائدِ، فلا بدَّ أنْ تُغيَّرَ الفِطرةُ لِتَتَوَافَقَ معها، ولكن لمَّا كانت أصولُ العقائدِ ثابتةً لا تتغيَّرُ، ثَبتَتِ الفِطرةُ، وقضَى اللهُ بذلك لها:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}.
ثالثًا: الأَخبَارُ؛ لأنَّ نسْخَها تكذيبٌ للمُخبِرِ؛ لذا كلُّ ما يُخبِرُ به نبيٌّ مِن أنبياءِ اللهِ، فلا بدَّ أنْ يقَعَ لا يُنسَخَ، والنبيُّ يُخبِرُ عن ربِّه، ونسخُ الأخبارِ تكذيبٌ له سبحانَه.