للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثرِ الصحابةِ والتابعينَ، وعليه عملُهم (١).

وجاء عن مالكٍ استثناءُ حدِّ القطعِ في السرقةِ، وجعَلَهُ لوليِّ الأمرِ بكلِّ حالٍ (٢).

ويرى أبو حنيفةَ: أنَّ ذلك كلَّه للإمامِ، وفي مذهبِ الحنفيَّةِ قولٌ: أنَّه لا يُقيمُ السيدُ الحدَّ على عبدِه إن كان عبدُهُ زوجًا لحُرَّةٍ، أو لِأَمَةِ غيرِه، أو كانتْ أَمَتُهُ زوجةً لحُرٍّ، أو لعبدِ غيرِه؛ ففي هذه الصورِ لا يُقيمُ الحدَّ إلا الإمامُ فقط (٣).

وهذا مرويٌّ عن ابنِ عمرَ؛ كما رواهُ عبدُ الرزَّاقِ، عن الزُّهْريِّ، عن سالمٍ، عن ابنِ عمرَ؛ قال في الأَمَةِ إذا كانت ليست بذاتِ زوجٍ، فزَنَتْ: جُلِدَتْ نِصفَ ما على المُحْصناتِ مِن العذابِ؛ يَجلِدُها سيِّدُها، فإن كانت مِن ذواتِ الأزواجِ، رُفِعَ أمرُها إلى السلطانِ (٤).

والأصلُ: أنَّ الحدودَ على الإماءِ والعبيدِ يُقِيمُها أَهْلُوهُمْ في حالِ قيامِ البيِّنةِ.

والبيِّنةُ في حقِّ الإماءِ كالبيِّنةِ في حق الحرائرِ لا فَرْقَ؛ فقد روى الشيخانِ، عن أبي هُرَيْرةَ ؛ قال: سَمِعتُ النبيَّ يقولُ: (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِن زَنَتْ، فَليَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا وَلَو بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ) (٥).

والخطابُ توجَّهَ هنا إلى سيِّدِها، ولكنَّه أمرَ بالاستيثاقِ في قولِهِ:


(١) "المدونة" (٤/ ٥١٩)، و"البيان في فقه الشافعي" (١٢/ ٣٨٠)، و"المغني" (٩/ ٥١)، و"الاستذكار" (٧/ ٥٠٨).
(٢) "المدونة" (٤/ ٥١٩).
(٣) "المبسوط"؛ للسرخسي (٩/ ١٣٩).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٣٦١٠) (٧/ ٣٩٥).
(٥) أخرجه البخاري (٢١٥٢) (٣/ ٧١)، ومسلم (١٧٠٣) (٣/ ١٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>