للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُروى عن أنسٍ: أنَّهم المُشرِكونَ.

أخرَجَهُ عنهم ابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ (١).

وقال ابنُ عباسٍ ومحمدُ بنُ إسحاقَ: هم اليهودُ.

رواهُ عن ابنِ عباسٍ: ابنُ جريرٍ (٢)، وعن ابنِ إسحاقَ: ابنُ المنذرِ (٣).

وكلُّ ذلك مِن تنوُّعِ التفسيرِ، لا مِن تعارُضِه.

ولا يدخُلُ في معنى البطانةِ مؤاجَرةُ الكافرِ ومعاقدتُهُ في البيعِ والشراءِ؛ فهذا لا أثَرَ فيه على المسلِمِينَ، ولا عُلُوَّ للكافرِ فيه على المؤمِنِينَ، ولا ضرَرَ عليهم منه، وهو مباحٌ بلا خلافٍ، وقد مات النبيُّ ودِرْعُهُ مرهونةً عندَ يهوديٍّ.

وإنَّما البِطَانة هي اتِّخاذُهُ واليًا أو مستشارًا أو خازنًا للمالِ, وكلَّما كانتِ الولايةُ والاستشارةُ والخزانةُ أكبَرَ، كان أثرُها أشَدَّ وتحريمُها أعظَمَ.

ويدخُلُ في البطانةِ الكاتبُ، وأشَدُّ أنواعِهِ: كاتبُ الأسرارِ للحاكمِ والأميرِ؛ روى البيهقيُّ، عن عِياضٍ الأَشعَرِيِّ؛ أنَّ أبا موسى وفَدَ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ ، ومعه كاتبٌ نصرانيٌّ، فأَعْجَبَ عمرَ ما رأَى مِن حِفْظِه، فقال: قُلْ لكاتبِكَ يقرأُ لنا كتابًا، قال: إنَّه نصرانيٌّ لا يدخُلُ المسجِدَ، فانْتَهَرَهُ عمرُ ، وهَمَّ به، وقال: لا تُكرِمُوهُمْ إذْ أهانَهُمُ الله، ولا تُدْنُوهم إذْ أَقْصَاهُمُ اللهُ، ولا تأتَمِنُوهم إذْ خوَّنَهم الله (٤).

والعِلَّةُ في ذلك: ألَّا يَخُونَ أمانتَهُ فيَعظُمَ أثرُ الضررِ به، وكذلك


(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٧٠٩، ٧١١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧٤٢، ٧٤٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٥/ ٧٠٩).
(٣) "تفسير ابن المنذر" (١/ ٣٤٥).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>