للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ثلُثَ ما ترَكَ، ويَبقَى الثلُثانِ للأبِ تعصيبًا؛ لأنَّ الأبَ أَوْلى بقوله: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ مِن الأولادِ والإخوة، وليس في الآيةِ نصٌّ يُعارِضُهُ؛ فقولُه: ﴿فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ ليس فيه (ممَّا ترَكَ)، فحُمِلَ الثلُثُ على ما يُوافِقُ الأصولَ، وهو ثلُثُ الباقي بعدَ فرضِ الزوج، والزوجُ حقُّه منصوصٌ عليه ممَّا ترَكَتِ الزوجةُ؛ كما في قولِه: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء: ١٢]، وفي ميراثِ الزوجةِ مِن الزوجِ قال: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾ [النساء: ١٢]، وأمَّا الأمُّ، فأطلَقَ حَقَّها في الثلُث، فحُمِلَ على ما يُوافِقُ الأصولَ.

وبهذا قال زيدُ بنُ ثابتٍ؛ فروى عبدُ الرَّزَّاقِ وابنُ أبي شَيْبَةَ، عنه؛ قال: "لا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ" (١).

ورُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ وشريحٍ وداودَ: جَعْلُ الثلُثِ فيما ترَكَ كلِّه، فيكونُ للزوجِ النصفُ، وللأمِّ الثلُثُ، وللأبِ ما تبقَّى، وهو السدُسُ.

ولم يذكُر اللهُ الأبَ في الحالةِ الثانيةِ: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾.

وظاهرُ الآيةِ أنَّ للأبِ الباقيَ كلَّه؛ وذلك أيضًا لقولِه : (اقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ الله، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ، فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) (٢)، وحقُّه في الباقي بعدَ فرضِه وهو السدُسُ، فهو باقٍ عليه، ثمَّ يأخُذُ الباقيَ زيادةً عليه.

ولا فَرْقَ في الولدِ بينَ الذكَرِ والأُنثى في قولِه: ﴿إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ﴾، والولدُ وولدُ الابنِ سواءٌ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٩٠٢٠) (١٠/ ٢٥٤)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣١٠٦٣) (٦/ ٢٤٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٣٢) (٨/ ١٥٠)، ومسلم (١٦١٥) (٣/ ١٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>