للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الأظهر، فالله حرَّم الجمع بين المرأة وعمَّتها أو خالتها، والجمع بين الأختين بلا قيدٍ، ويؤخذ ذلك على إطلاقه؛ فاللهُ حرَّم الجمع لحِكَمٍ وعلَلٍ؛ منها القطيعة؛ لأنَّهنَّ ضَرَّاتٌ، ويقع هذا في وطء النِّكاح ووطء التَّسرِّي.

وحِلُّ مِلْكِ اليمين لا يلزم منه حِلُّ الوطء؛ كمِلْكِ يمين الأَمَةِ المُشركةِ والمُبَعَّضَة، لا يجوز وطؤها، والمملوكة قبل استبرائها.

القول الثاني: الجواز؛ وهو قول ابن عبَّاسٍ؛ حكاه عمرو بن دينارٍ عنه؛ أخرجهُ ابن المُنذر، عن حمَّادٍ، عن عمرٍو، به (١).

والنهيُ في الجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمَّتها أو خالتها من النَّسب بلا خلافٍ، وأمَّا الجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمَّتها أو خالتها من الرضاع، فقد حكى الإجماع فيه غير واحد؛ وهو قول الأئمَّة الأربعة، وخالف في ذلك بعض الأئمة؛ كابن تيمية.

ويحرُمُ الجمعُ بالوطءِ بين المرأة وعمَّتها والمرأة وخالتها من الإماء، والحُكْمُ في ذلك كالحُكْم في الجمع بين الأختين، والجمع بين الأختين أغلظُ، وأغلظُ من ذلك الجمعُ بالوطءِ بينَ الأُمِّ وبنتِها من الإماءِ.

وقد قال تعالى في آخر آية المُحرَّمات من النِّساء: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}؛ غفورًا لما سلف من مُخالفة أمره قبل العلم به في الجاهليَّة، رحيمًا بهم في تشريعه وحُكْمه وإنْ خَفِيَتْ على العباد عِلَّتُه.

* * *


(١) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>