للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفَكَاكُ الأسيرِ مِن وَصَايَا النَّبيِّ لأمتِه؛ ففي "الصحيحِ"؛ أن عليًّا سُئل عما في الصَّحِيفَةِ - التي هي مِن الوحي - فقال: "العَقلُ، وَفَكَاكُ الأَسِير، وَلَا يقتلُ مُسْلِمٌ بكَافرٍ" (١).

* * *

* قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء: ٧٧].

هذه الآية إخبارٌ عما كان عليه النَّبيُّ في أمرِ الجهادِ زمنَ مكَّةَ قبلَ الهجرةِ، وذلك أن المسلِمينَ كانوا في ضَعْفٍ، فكان من أسلَمَ شعرَ باستذلالِ المُشركِينَ للمسلِمِينَ، فاستثقَلُوا الذِّلَّةَ على الإسلامِ بعدَ العِزةِ على الكفر، فأخَذَت بعضَهُمُ الحَمِيةُ ليَنتصِرُوا لأنفسهم وللإسلام، فاستأذَنوا النَّبيَّ في القتال، وكانوا في زمن ضعفٍ وقلَّةِ عددٍ، فأنزَلَ اللَّه على نبيه هذه الآيةَ: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾؛ فقد روى النَّسائي في "سننه"، وابن جريرٍ، وغيرهما؛ مِن حديثِ عِكرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ أَن عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ وَأصحَابًا لَهُ أتوُا النبي بِمَكةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، إِنا كُنّا فِي عِزٍّ وَنحنُ مُشرِكُون، فلما آمنا، صِرنا أَذِلَّةً؟ ! فَقَالَ: (إنِّي أُمِرْتُ بِالعَفْوِ؛ فَلَا تُقَاتِلُوا) (٢).

وقال بعضُ السلفِ: إن الآيةَ نزَلَت في اليهودِ؛ فقد روى ابن أبي


(١) أخرجه البخاري (١١١) (١/ ٣٣).
(٢) أخرجه النَّسائيّ (٣٠٨٦) (٦/ ٢)، والطبري في "تفسيره" (٧/ ٢٣١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ١٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>