للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوِيَ نسخُ هذه الآيةِ في كتابِ "الناسخِ والمنسوخِ" لأبي عبيدٍ، ولابنِ أبي داودَ، وغيرِهما، وصُرِّحَ فيها بأنَّ عطاءً هو الخُرَاسانيُّ (١).

وروى معناه سعيدٌ ومَعْمَرٌ عن قتادَة مختصرًا؛ رواهُ ابنُ جريرٍ (٢).

القولُ الثاني: مِن العلماءِ مَن قال بإحكامِها، وحمَلَ معناها على عدةِ معانٍ:

أولُها: أنَّ المرادَ بذلك: حالُ الضرورةِ، ولو صلَّى الإنسانُ مِن غيرِ عمدٍ أو قصدٍ إلى غيرِ القِبْلةِ، فبان له بعدَ ذلك أنَّه صلَّى إلى غيرِ القِبْلةِ، صحَّتْ صلاتُه؛ بدليلِ هذه الآيةِ، وكذلك في حالِ الحربِ، وتعذُّرِ استقبالِ القِبلةِ، ونحوِ ذلك.

وقد روى التِّرمِذيُّ، وابنُ جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ؛ مِن حديثِ أبي الربيعِ السَّمَّانِ، عن عاصمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عن عبدِ اللهِ بن عامرِ بن ربيعةَ، عن أبيهِ؛ قال: كنَّا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلةٍ سوداءَ مُظلِمةٍ، فنزَلْنا منزلًا فجعَلَ الرجلُ يأخُذُ الأحجارَ فيَعْمَلُ مسجدًا يصلِّي فيه، فلمَّا أصبحْنا، إذا نحنُ قد صَلَّيْنا على غيرِ القِبْلةِ، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، لقد صلَّيْنا ليلتَنا هذه لغير القِبْلةِ! فأنزَلَ اللَّهُ - عز وجل -: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٣).

وأبو الربيع هو: أشعثُ بنُ سعيدٍ، ليِّنُ الحديثِ (٤).

وعاصمٌ ضعيفٌ؛ قال البخاريُّ: مُنكَرُ الحديثِ (٥)، وضعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ


(١) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" للقاسم بن سلام (١/ ١٨).
(٢) "تفسير الطبري" (٢/ ٤٥١).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٤٥) (٢/ ١٧٦)، وابن جرير في "تفسيره" (٢/ ٤٥٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢١١).
(٤) ينظر: "العلل ومعرفة الرجال" "رواية عبد الله" (٢/ ٥١٦)، وتاريح ابن معين "دوري" (٤/ ٨٠)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (١/ ٣٤٠).
(٥) "التاريخ الكبير" للبخاري (٦/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>