للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ إنَّ تمنِّيَ لقاءِ العدوِّ يُفقِدُ الإنسانَ حُسْنَ الاختيارِ عندَ لقائِهِ بينَ التعجيلِ باللقاءِ أو تأخيرِه، أو المواجَهَةِ عندَ الشِّدَّةِ أو الانحيازِ إلى جهةٍ وفئةٍ، فمَن تمنَّى لقاءَ العدوِّ تَغْلِبُهُ نفسُهُ عن أنْ يُقالَ عنه: جبانٌ وخائفٌ وقد تمنَّى اللقاءَ مِن قبلُ، فيُقدِمُ في محلِّ إِحْجَامٍ، تدفعُهُ حميَّتُهُ ويُظهِرُ أنَّ ذلك لِدِينِه.

وقولُه تعالى: ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾: الفَتِيلُ: ما احتُقِرَ مِن الشيءِ الذي لا تَلْتَفِتُ إليه نفسٌ، ولا تُدَقِّقُ به عينٌ لحقارتِه.

وقيل: هو ما خرَجَ مِن الإصبَع؛ رواهُ مجاهدٌ، عن ابنِ عبَّاسٍ (١)، وبنحوِه قال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ ومجاهدٌ (٢).

وقال ابنُ عبَّاسٍ: "هو الذي يكونُ في شِقِّ النَّوَاةِ"، رواهُ عنه عِكْرِمةُ (٣)، وصحَّ هذا عن قتادةَ ومجاهدٍ؛ أخرَجَ هذا ابنُ المُنذِرِ وغيرُه (٤).

* * *

* قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ٨٣].

نزَلَتِ الآيةُ في المُنافِقينَ الذين يُظْهِرُونَ الطاعةَ لرسولِ اللهِ عندَ


(١) "تفسير الطبري" (٧/ ١٣١)، و"تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٩٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٧٢).
(٢) ينظر: "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٩٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٧٢).
(٣) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٩٦).
(٤) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٩٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>