للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَحْمَةُ اللهِ) (١).

وهي التحيَّةُ في الآخِرةِ وفي الجنَّةِ؛ كما سبَقَ، وكما في قولِهِ تعالى في سورةِ الفُرْقانِ: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾ [٧٥]، وهي تحيَّةُ الملائكةِ لبَنِي آدمَ في الدُّنيا؛ كما في "الصحيحِ"، عن عائشةَ ؛ قالتْ: قال رسولُ اللهِ يومًا: (يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ)، فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى (٢).

والتحيَّةُ مِن الملائكةِ هي للمؤمنينَ مِن بَني آدمَ لا لغيرِهم؛ كما هو في ظاهِرِ الآياتِ في الدُّنيا، وعندَ قبضِ أرواحِهم؛ كما في قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ﴾ [النحل: ٣٢].

وقد روى ابنُ أبي شيبةَ والحاكِمُ؛ مِن حديثِ محمَّدِ بنِ مالكٍ، عن البَرَاءِ بنِ عازِبٍ: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤]؛ قَالَ: "يَوْمَ يَلْقَوْنَ مَلَكَ المَوْتِ لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ" (٣).

وبها يُحَيَّوْنَ عندَ دخولِ الجنةِ؛ كما في قولِهِ تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]، وهي كذلك تحيَّتُهم فيما بينَهُمْ في الجنةِ؛ كما في قولِهِ تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ [إبراهيم: ٢٣].

وحُكِيَ عن مالكٍ حَمْلُ الآيةِ في البابِ: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ على كلِّ ما يُتبادَلُ مِن اثنَيْنِ مِن دعاءٍ وذِكْرٍ، ومنه تَشْمِيتُ العاطِسِ، وردُّ المُشَمِّتِ عليه.


(١) أخرجه البخاري (٦٢٢٧) (٨/ ٥٠)، ومسلم (٢٨٤١) (٤/ ٢١٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٧٦٨) (٥/ ٢٩).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٤٧٦٧) (٧/ ١٣٤)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>