للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قيل بالوجوبِ.

- وقيل بالسُّنِّيَّةِ؛ وحكى ابن عبدِ البَرِّ الإجماعَ عليه.

والأظهَرُ: التفصيلُ والتفريقُ بينَ:

- المَجَالِسِ التي اعتاد الإنسانُ دخولَها وغِشْيانَها ورؤيةَ أهلِها كلَّ يومٍ.

- وبينَ المَجَالِسِ التي لا يَغْشَاها إلَّا لِمَامًا أو نادرًا، أو لم يَدخُلْها إلا مرةً؛ ففي الأخيرةِ يجبُ، وكلَّما اعتاد الإنسانُ دخولَ مكانٍ، خَفَّ الأمرُ عليه؛ لأنَّ عِلةَ السلامِ الأمانُ والإيناسُ وبذلُ المودَّة، ولا تُوجَدُ في المجالسِ والدُّورِ التي لا يَغْشاها الإنسانُ إلا نادرًا أو لم يَدخلْها مِن قبلُ، حتى قال بعضُ السلفِ بوجوبِ التحيَّةِ حتى في دُخولِ الرجُلِ بيتَهُ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: ٦١]، سواءٌ كان الدخولُ في بيوتِ الأهلِ أو بيوتِ الأرحامِ أو الأَبعَدِينَ أو الأسواقِ.

وذهَبَ إلى الوجوبِ بعضُ السلف، وقد روى أبو الزُّبَيْرِ؛ قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ: إذا دخَلْتَ على أهلِكَ، فسَلِّمْ عليهم: ﴿تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور ٦١]؛ قال: ما رأيتُه إلا يُوجِبُه؛ أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ وغيرُه (١).

ونَفَى عطاءٌ القولَ بالوجوبِ عن أحدٍ ممَّن سبَق؛ فقد روى ابنُ جُرَيْجٍ؛ قال: قلتُ لعطاءٍ: إذا خرَجْتُ، أواجبٌ السلامُ، هل أُسَلِّمُ عليهم؟ فإنَّما قال: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا﴾ [النور: ٦١]؟ قال: ما أعلَمُهُ واجبًا، ولا آثِرُ عن أحدٍ وجوبَةُ، ولكنْ أَحَبُّ إليَّ وما أَدَعُهُ إلَّا ناسيًا (٢).


(١) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٧٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٥٠).
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>