لأنَّهم خالَفُوهُ وقعَدُوا قبلَ ذلك، فلا يُؤمَنُ أنْ يُخالِفُوهُ وَيقْعُدُوا، أو يَرجِعُوا مِن نِصْفِ الطريقِ، أو يَتَوَلَّوْا يومَ الزَّحْفِ.
* * *
قال تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (٩٠) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٨٩ - ٩١].
لمَّا أمَرَ اللهُ بقتالِ المُشرِكِينَ، ومَن أظهَرَ الإسلامَ ثمَّ لَحِقَ بالمشرِكِينَ بمكةَ تاركًا للنبيِّ ﷺ، وبَقِيَ في سَوَادِهم، أمَرَ بتحريمِ اتِّخاذِهِمْ أولياءَ: ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ ما دامُوا مُكَثِّرِينَ لِسَوَادِ المشرِكِينَ وفي وَسَطِهم ولم يَنعزِلُوا عنهم، ولكنَّ اللهَ اسثنَى منهم طائفتَيْنِ:
الأُولى: طائفةٌ لجأَت إلى قومٍ كافِرِينَ بينَهم وبينَ المؤمِنِينَ عهدٌ، فإنْ لم يُقاتِلوا لا يُقاتَلوا، فيَأخُذُونَ حُكْمَ القومِ الذين اتَّصَلُوا بهم؛ كما في قولِه تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾.
الطائفة الثانيةُ: قومٌ كَرِهُوا قتالَ النبيِّ ﷺ، وكرِهوا قتالَ قومِهم، فرَغِبُوا في السلامةِ مِن الأمرَيْن، وأَوْلى منهم الذين لَحِقُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute