للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أولِ طريقِه - أنَّ أَجْرَهُ عَلَى الله، كما لو بلَغَ المدينةَ، وقد روى أحمدُ في "المُسنَدِ"، عن عبدِ اللهِ بنِ عَتِيكٍ؛ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ ﷿ نُمَّ قَالَ: بِأَصَابِعِهِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاتِ: الْوُسْطَى وَالسَّبَابَةِ وَالإِبْهَام، فَجَمَعَهُنَّ، وَقَالَ: وَأَينَ المُجَاهِدُونَ؟ - فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ وَمَاتَ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ﷿، أوْ لَدَغَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله، أوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِه، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ﷿)، وَاللهِ إِنَّهَا لَكَلِمَةٌ مَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ قَبْلَ رَسُولِ اللهِ : (فَمَاتَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ قُتِلَ قَعْصًا، فَقَدِ اسْتَوْجَبَ المَآبَ) (١).

وفضلُ الهجرةِ مِن بلدِ الكفرِ إلى بلدِ الإسلامِ يشتِركُ مع فضلِ الدخولِ في الإسلامِ في تكفيرِ ما سلَفَ مِنَ الذنوبِ؛ كما في حديثِ عمرِو بنِ العَاصِ؛ قال (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ ! ) وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ ! وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ ! ) (٢).

وليس هذا لكلِّ ما يُطلَق عَلَيْهِ هِجْرةٌ؛ وإنَّما هو خاصٌّ بالهجرةِ مِن بلدِ الكفرِ إلى بلدِ الإِسلام، وأَمَّا الهِجْرةُ مِن بلَدِ الفِسْقِ إلى بلدِ الطاعةِ، ومِنَ البلدِ المُسْلِمِ المفضولِ إلى البلدِ الفاضل، فأجرُ ذلك بمقدارِ ما ترَكَ، ومقدارِ ما أقَبَلَ عَلَيْهِ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)[النساء: ١٠١].

نزلَتْ هذه الآيةُ بعدَ إتمامِ الصلاة، وقد كانَت ركعْتَينِ ركعتَين، فزِيدَ في


(١) أخرجه أحمد (١٦٤١٤) (٤/ ٣٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١) (١/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>