خُطَبِ الجُمَعِ والعيدَينِ وفي خُطْبةِ عرَفةَ والتَّشْريقِ، وخاصَّةً إن كان الصحابيُّ كبيرًا.
ومِنَ المسائلِ: ما يقولُ بها الصحابيُّ في موضعٍ لا شهودَ للصَّحابةِ فيه؛ كما يَقوله أو يفعلُه أو يَقضي به الصحابي في الثُّغورِ، أو السَّفرِ، أو في بلَدٍ آفاقيٍّ لا شُهودَ للصَّحابةِ فيه إلا قليلًا، وهذا يَضعُفُ القولُ بإجماعِهم عليه، ولو كان لا مُخالِفَ له فيه؛ فمَعرفةُ بلَدِ الصحابيِّ وسُكناهُ بعدَ النبوَّةِ مُهِمٌّ في معرفةِ قوَّةِ مُوافقَتِه ومُخالَفتِه، وكُلَّما كان أقرَبَ لِمَساكنِ الصحابةِ وكَثرتِهم - كالمدينةِ - فهذا أقرَبُ للمُوافَفةِ على قولِه واشتهارِه.
الرابعةُ: النَّظَر إلى نَقَلَةِ الخبرِ عن الصحابيِّ؛ لِيُعرَفَ اشتهارُه عنه، فإنْ كان الناقلُ عنه واحدًا، وعنه واحدٌ، فهذا يَعني عدَمَ اشتهارِه حتَّى عندَ أصحاب الصحابي نفسِه؛ فكيفَ ببُلوغِهِ لغيرِه مِن الصحابةِ؟ ! فلا يُبنى على سكوتِ الصحابةِ إجماعٌ، والحالةُ هذه.
وإنِ اشْتهَرَ القَولُ عن الصحابي ونقَلَهُ عنه أصحابُهُ الذين يَشْتَرِكونَ عادةً في الأخذِ عنه وعن غيرِهِ مِن الصحابة، فهذه قرينة على اشتهارِ القول، ونَقلِهِ عنه لغيرِهِ مِن الصحابة، كما يَشترِكُ ابنُ عُمرَ وابنُ عبَّاسٍ وأبو هربرةَ وأنَسٌ في بعضِ التَّابعينَ وأخذِهم عنهم.
وهذه المسألةُ تحتاجُ إلى مزيدِ تفصيلِ ليس هذا محلَّه، واللَّه أعلَمُ.
ومَن ترَكَ حُكمَ اللهِ وتشريعَهُ، واعتَدَّ برأيِهِ وعَقلِه، وَكَلَهُ اللهُ إلى نفسِهِ فأرْدَاهُ؛ كما قال: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)﴾.
وفي هذه الآيةِ: إشارةٌ إلى أنَّ الضَّلالَ والشِّقاقَ يَبدَأ بصاحبِه عنادًا، ثمَّ يُحوِّلُه اللهُ في قلبِه ويُزَيِّنُهُ حتى يكونَ دِينًا وقناعةً؛ عقوبةً له.