وحديثُ أمِّ سلَمةَ يأخذُ به جمهورُ العُلَماءِ؛ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، وأنَّ القَسْمَ للثَّيِّبِ ثلاثٌ لا يكونُ معها قضاءٌ، أو سبعٌ يكونُ معها القضاء، وأن القَسْمَ للبِكرِ سبعٌ لا يكون معها القضاءُ! كما هو في الثلاث: للثَّيِّبِ؛ كما في روايةٍ لمسلمٍ:(لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَك، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ، ثُمَّ دُرْتُ)، قالت: ثَلِّثْ (١)، وظاهرهُ: أنَّ التسبيعَ يَلزَمُ معه الفضاءُ، والثلاثَ ينتهي ويدورُ بلا قضاءٍ؛ ولذا لم يذكُرِ الدَّوْرَ في السَّبْعِ؛ وإنَّما ذكَرَ القضاءَ؛ لأنَّه قدرٌ زائدٌ على الدَّوْرِ.
وفي حديثِ أمِّ سَلَمةَ: جوازُ القَسْمِ للثيِّبِ المدخولِ بها حديثًا سبعًا، زيادةً على أصلِ حقِّها في الثَّلاثِ، وأن ذِكرَ السَّبْعِ دليلٌ على أنَّه أقصى ما يجوز في القَسْمِ للمبنيِّ بها، وهي البِكْرُ، ولكنَّه حقٌّ للبِكْر، لا يُزادُ لها عليه، ولا يُزاد لِغيرِها عليه مِن بابِ أولى، وهي الثَّيِّبُ، لو أرادَتْ، فهو للبِكرِ حقٌّ، وللثيِّبِ تخييرٌ فحَسْبُ.
الثانيةُ: عندَ تَصالُحِهنَّ وتَراضِيهِنَّ على ذلك؛ وذلك أنَّه لو جازَ للمرأةِ أن تُسقِطَ ليلتَها وتجعلَها كلَّها للأُخرى، فإنَّه يجوزُ عندَ التصالُحِ على ما دونَهُ من بابِ أولى.
واللهُ أمَرَ بالعدل، ومِنَ العدلِ الإتيانُ بمقصدِ المبيت، وحاجتُهُنَّ للمبيتِ ليست في أمرِ الجِماعِ؛ وإنَّما هو في الإيناسِ والأمنِ مِن الطَّوارق، وقُرْبِ النَّفْسِ والمودَّة، وهذا يَفُوتُ عندَ جميعِهِنَّ لو دامَ تركُ الزَّوْجةِ لأيَّامٍ مَدَى أعوامٍ، ثُمَّ لو قيل بجَوَازِه، فلا حَدَّ لأعلاه، فلو كان لدى الرجلِ أربعٌ، وجعَلَ لكلِّ واحدةٍ ثلاثِينَ ليلةً أو أكثرَ، فلا يُوجَدُ مِن صريحِ الشَّرعِ ما يُفرِّقُ بينَ اللَّيلتَيْنِ والثلاثينَ ليلةً.