للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن جوَّزَ ما زاد عن ليلةٍ واحدةٍ، فلا دليلَ يَمنعُهُ مِن الزيادةِ على أكثرَ مِن ذلك، وظاهر التعليلِ في منعِ الزيادةِ عن واحدةٍ: أظهَرُ مِن التعليلِ في منعِ ما زاد عن ليلتَيْن وثلاثٍ وسبعٍ وعشرٍ.

وإنْ كان الزوجُ في يومِ واحدةٍ، فله أن يتَفقَّدَ حاجةَ الأخرى وَيطمئِنَّ عليها، ولو دخَلَ دخولًا يزيدُ عن قدرِ الحاجة، وقد نصَّ على جوازِه مالكٌ وغيرُهُ، وقد صحَّ مِن حديثِ عائشةَ؛ قالت: "قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَينَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِن كُلِّ امْرَأةٍ مِن غَيْرِ مَسيسٍ، حَتَّى يَبلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبيتَ عِنْدَهَا"؛ رواهُ أحمد وأبو داودَ (١).

وقولُهُ بعدَ ذلك: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: ١٣٠] فيه إشار إلى وجوبِ الاعتمادِ على اللهِ؛ فكما يُعِينُ اللهُ طالِبَ الزواج، فإنَّه يُعِين طالبَ الطلاقِ ما قصَدَ رِضوانَ اللهِ واعتمَدَ عليه، ويعينُ المتزوِّجَ، ويُعوِّضُ المطلِّقَ بخيرٍ.

* * *

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)[النساء: ١٣٥].

في الآيةِ: دليلٌ على إقرار الإنسانِ على نفسِه، ولا خلافَ في صِحَّتِه.


(١) أخرجه أحمد (٢٤٧٦٥) (٦/ ١٠٧)، وأبو داود (٢١٣٥) (٢/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>