للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرَ وعثمانَ وعليّ وابن عبَّاسٍ، والمسحُ يكونُ لظاهرِهما وباطنهما.

ومسح الأذنينِ سنة عندَ عامَّةِ السلف، ولم يخرِجِ الشيخانِ في مسحِ الأذنينِ حديثا، وقد جاء عن جماعةِ مِن الصحابةِ العمل على ذلك، والتيسيرُ فيه، وقد صح عن ابنِ عمرَ (١) وأبي هريرةَ (٢) قولُهما: "الأذنَانِ مِنَ الرأسِ"، ورُوِيَ مرفوعا (٣)، وفيه لِين، ومرادهما: في إلحاقهما بالعضوِ الممسوح، وهو الرأسُ، فيَأخُذان حكْمَهُ مسحا، ولا يَلحقانِ العضوَ المغسولَ، وهو الوجهُ، فيأخُذَا حُكْمَهُ غَسلا.

ويدل على هذا: أن ابنَ عمرَ سئلَ عن نسيانِ مسحِ الأُذنَين، فقال: "الأذنَانِ مِنَ الرأسِ"، ولم يرَ بذلك بأسا؛ كما صح عندَ ابنِ جرير (٤).

وفي إيجابِ مسحِ الأذنَينِ في الوضوءِ قول متأخِّر عن الصدرِ الأولِ -كما يأتي بيانُهُ- وهو مرجوح، من وجوه:

أولًا: أن مسحَ الأذنَينِ لم يَرِدْ في كثيرِ من أحاديثِ الوضوء الصحيحة، ولم يُخرِجِ البخاري ومسلم منها شيئا، والمسحُ لو كانتِ المداومةُ عليه، لَلَحِقَ بقية الأعضاءِ؛ لظهورِهِ في العملِ الظاهر، وعدمُ استفاضةِ النقلِ عن الصحابةِ دليل على أن الأذنَ لا تأخُذُ حكمَ العضوِ المستقل بنفسِه؛ فيَبطُلَ الوضوءُ بتركِها.

ثانيًا: لا يَثبت عن أحد مِن الصحابةِ النص على إيجابِ مسحِ الأذنَيْن، ولا إبطالِ الوضوءِ بتركِهما، بل الثابت خلاف ذلك؛ كما روى


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢٤) (١/ ١١)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٦٣) (١/ ٢٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢٧) (١/ ١٢).
(٣) أخرجه أحمد (٢٢٢٢٣) (٥/ ٢٥٨)، وأبو داود (١٣٤) (١/ ٣٣)، والترمذي (٣٧) (١/ ٥٣)، وابن ماجه (٤٤٤) (١/ ١٥٢).
(٤) "تفسير الطبري" (٨/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>