للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠]، ويدلِّلُ سبحانَهُ على ربوبيَّتِهِ وألوهيَّتِهِ بخلقِهما؛ فقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: ٦١].

والنظرُ والتفكُّرُ في العظيمِ يُعطي الإنسانَ احتقارًا لما دونَهُ خَلْقًا، فيستَدِلُّ بشيءٍ على شيءٍ آخَرَ دونَهُ بقياسِ الأَوْلى؛ قال اللهُ تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس: ٨١]، وقال تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر: ٥٧].

ويستدِلُّ سبحانَهُ على قدرتِهِ على التصرُّفِ في الناسِ وإفنائِهم، وإعادةِ خَلْقِهم؛ بالسمواتِ والأرضِ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٩].

ويستدِلُّ على توقُّفِ الزمنِ وقيامِ الساعةِ بملكوتِ السمواتِ ودَوَرانِ الأفلاكِ والأرضِ ودَوَرانِ صورةِ الخلقِ في الأرضِ، تبتدِئُ ثمَّ تنتهي؛ وهذا كلُّه علامةٌ على قيامِ الساعةِ، فالمتحرِّكُ لا بُدَّ أنْ يسكُنَ؛ لأنَّ حركتَهُ كانتْ بعدَ سكونٍ، وسكونَهُ كان بعدَ عدم؛ قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٥].

واللهُ تعالى يقدِّمُ السمواتِ على الأرضِ غالبًا؛ لأنَّ السمواتِ أعظَمُ خَلْقًا، وأظهَرُ نظرًا، وأكثرُ عِبَرًا، وقد يقدِّمُ نادرًا الأرضَ على السمواتِ؛ قال تعالى: ﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾ [طه: ٤]، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران: ٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٨]، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>