جعَلَ اللهُ حقَّ الناقةِ بالأكلِ؛ لأنَّها في أرضِ الله، وكلُّ الأرضِ لله، وليس في الآيةِ أنه أمَرَهُمْ بألَّا يَمنَعُوها مِن أكلِ معيشتِهِمْ في بيوتِهم وقُوتِهم؛ وإنَّما نهاهُم عن مَنْعِها مِن الأكلِ والشربِ مِن المُشاعِ في الأرض، ويَظَهَرُ هذا في قولِهِ تعالى في سورةِ القمرِ: ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾ [٢٨]؛ أي: إنَّ للناقةِ شِربَ يومٍ، ولهم شِرْبَ يومٍ آخَرَ، يَتزوَّدونَ مِن يومِ شِربِهم ليومِ الناقة، وفي هذا دليلٌ لِما تقدَّمَ مِن أنَّ الناسَ شركاءُ في ثلاثٍ: الماءِ والكَلَأِ والنار، ولا يجوزُ منعُ إنسانٍ أو بهيمةٍ عمَّا لم تَعمَل أيدِيهِم مِن زرعٍ أو ثمرٍ، وقد جعَلَ اللهُ لناقةِ ثمودَ مَزِيدَ تعظيمٍ؛ إذ جعَلَها آيةً لهم في هلاكِهم إنْ مَنَعوها أو عقَرُوها، واللهُ يُعظِّمُ مِن خَلقِهِ ما شاءَ، وعلى الوصفِ والقَدْرِ الذي يشاءُ.
* * *
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٥٥)، وأبو داود (٩٦)، وابن ماجه (٣٨٦٤).