للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: عندَ الولادةِ ووضعِ الجَنِينِ؛ كما قال : (كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ في جَنْبَيْهِ بإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ) (١)، وقد قالتِ امرأة عِمرانَ لمَّا وضَعَت مَرْيَمَ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: ٣٦]، ويكونُ التعوُّذُ للتخفيفِ مِن أثرِ الشيطانِ لا لمنعِه؛ لأنَّ اللهَ أقْدَرَهُ على الجميعِ إلَّا عيسى.

ومنها: خطَرات السُّوءِ التي يَستدرجُ بها الشيطانُ الإنسانَ ليُفسِدَ إيمانَهُ بربِّه؛ كما في قولِه : (يَأْتِي الشَّيْطَان أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ) (٢).

ومنها: ما جاءَ أنه مِن كيدِ الشيطانِ ووَسْواسِهِ بالإنسانِ؛ كالتفاتِ المصلِّي، وكذلك وَسْواسُهُ في صلاتِه، وحينَما اشتَكَى عثمانُ بن أبي العاصِ للنبيِّ مِن ذلك، قال: (ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ، فَتَعَوَّذ بِاللهِ مِنْهُ، وَأْتْفِل عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا)؛ كما رواهُ مسلمٌ (٣)، وفيه أن الإنسانَ قد يُحِسُّ بالشيطانِ؛ ولذا قال عثمانُ بن أبي العاصِ في هذا الحديثِ: "فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأذْهبَهُ اللهُ عَنِّي".

وفد تُستحَبُّ الاستعاذةُ من الشيطانِ في مواضِعَ لم يأتِ التصريحُ بعلَّتِها والحِكْمةِ منها:

كالاستعاذةِ قبلَ القراءةِ في الصلاةِ وخارجَها، وظاهرُهُ: أنه صَرْفٌ للشَّيْطانِ أن يقطَعَ عنه تدبُّرَةُ وتأمُّلَهُ وحضورَ قَلْبِه، ولا يُشكِلُ على هذا: أنَّ قراءةَ القرآنِ في نفسِها مُنفَّرةٌ للشيطانِ؛ وذلك أنَّ الاستعاذةَ سابِقةٌ للقراءة، صارفةٌ لحضورِ الشيطانِ ولو في أولِ القراءة، وهي تتضمَّنُ الدعاءَ والالتجاءَ إلى الله، وقد يكونُ في ذلك حِكَمٌ أُخرى اللهُ أعلَمُ بها.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٨٦).
(٢) أخرحه مسلم (١٣٤).
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>