وامرأةٍ وشيخٍ، ولكنْ يَرمُونَهم بما يَهدِمُ بيوتَهم؛ كما هدَمُوا بيوتَ المُسلِمينَ، ولو كان فيها نساءٌ وصِبْيان وشيوخٌ؛ فذلك جاءَ تبَعًا، ولم يأتِ استِقلالًا وقصدًا.
وإذا قتَلَ المشرِكونَ صبيًّا أو امرأةً أو شيخًا أو مجنونًا مِن المُسلِمينَ، فليس للمُسلِمينَ أن يقتُلُوا صبيَّهم وشيخَهُمْ وامرأتَهُمْ ومجنونَهم لو وجَدُوهُ، ما لم يكنْ مُقاتِلًا فيُقتَلُ؛ لأنَّ تلك النفوسَ حرَّمَ اللهُ قَتلَها لِذَاتِها، وذِمَّتُها مُنفكَّةٌ عن ذِمَّةِ المُعتدِي، فكلُّ نفسِ لما كسَبتْ رهينةٌ.
وأمَّا مشروعيَّةُ الجزاءِ بالمِثْل، كما في قولِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل: ١٢٦]، فإنَّ العقابَ بالمِثْلِ في الكافرِ المُحارِبِ على نوعَيْنِ:
النوع الأوَّلُ: ما دلَّ الدليلُ على تحريمِهِ بعَيْنِه، كالزِّنى واللِّواطِ وقتلِ الصبيِّ والمرأةِ والشيخِ؛ فهذا دلَّ الدليلُ على تحريمِهِ بعينِه، فإنْ وقَع المشرِكونَ بنِساءِ المؤمنينَ، فليس للمؤمنينَ استِحلالُ الزِّنى بنسائِهم، بل يفعَلُ دي ذلك المشروعُ؛ بسَبْيِ نسائِهم وصِبْيانِهم، والتَّسَرِّي بالنِّساء، فيُقَسَّمْنَ مع الغنيمة، فيُوطَأْنَ مِلْكَ يمينٍ كما تُوطَأُ المرأةُ نِكاحًا، ولو كان في ذلك مشابَهَة في الفعلِ في الظاهر؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما وَطْءٌ، إلَّا أنَّ اللهَ حرَّمَ الزِّنى واللِّواطَ ولم يُحِلَّهُ بحالٍ ولو بالمُعاقَبةِ بالمِثْل، وفي السِّبْيِ مِن الصَّغَارِ والإذلالِ لرجالِ المشرِكينَ ما لا يَخفى؛ فإنَّه وطءٌ مع مِلْكِ يمينٍ دائمٍ للبُضْعِ والنَّفْسِ.
ويَلحَقُ بهذا قتلُ الصِّبْيانِ والنِّساءِ والشيوخِ؛ فإنَّه محرَّمٌ بالنصّ، ولم يَدُلَّ دليلٌ على استحلالِهِ في حالٍ، إلَّا لو كانوا يُقاتِلونَ فيأخُذُونَ حُكْمَ المُقاتِلِ الذي تُدفَعُ صَوْلتُه، وقتلُ الصبيِّ والمرأةِ والشيخِ أخَفُّ مِن مُماثَلةِ