العدو بالفاحشةِ؛ لأنَّ الفاحشةَ لا تَحِلُّ بحالٍ، بخلافِ قتلِ الصبيِّ والمرأةِ والشيخِ فله استثناءٌ واحدٌ، وهو القتلُ عندَ كونِهم مُقاتِلِينَ.
النوعُ الثاني: ما لم يَدُلَّ الدليلُ على تحريمِهِ بعَيْنِهِ؛ كرَمْيِ دُورِهم وطُرُقِهم وزُرُوعِهم؛ كما يَرْمُونَ دُورَ المؤمنينَ وطُرُقَهم وزُرُوعَهم، فذلك جائزٌ، ولو تمَّ عقابُهم بضَرْبِهم بسلاحِ يَفتِكُ بهم فلا يُفرِّقُ بينَ مُحارِبِ وغيرِ مُحارِب منهم كما يَفعَلونَ بالمؤمنينَ، لكان جائزًا، ولو كان ذلك مُحرِقًا أو مُهلِكًا لحَرثٍ ونَسْلٍ؛ لأنَّه عقابٌ بالمِثْلِ لم يُنْهَ عنه بعَيْنِه، فجاز ولو دخَلَ فيه تَبَعًا ما حَرُمَ بعينِهِ كقتلِ الصبيِّ والمرأةِ والشيخِ؛ لأنَّه لم لكن مقصودًا بنفسِه لو كان بارزًا.
وفي هذا دليلٌ على أنَّ الإسلامَ لم يأتِ لِيُبِيدَ ويُفنِيَ، ويُهلِكَ وُيفسِدَ، وَيغنَمَ ويَفخَرَ، ويَبطَرَ ويَتجبَّرَ؛ وإنَّما جاءَ رحمةً للناس، ينشُرُ دِينَ اللهِ ويُعليه، ويَدفَعُ ما سواهُ ويُبطِلُه، والمقتولُ المؤمنُ جزاؤُهُ الجنةُ، والكافرُ المقتولُ جزاؤُه النارُ، فلا يَحزَنُ المؤمنُ على عدمِ تَشفِّيهِ مِن الكافرِ بالزِّنى بعِرْضِه، أو تعذيبِه عندَ أَسْرِهِ بحَرْقِه، أو قتلِ صَبيِّهِ ومجنونِهِ وشْيخِه؛ لأنَّ ما يجدُهُ عندَ اللهِ ممَّا توعَّدَه به أعظَمُ شفاءً لنفوسِ المؤمنينَ مِن كلِّ ما يَفعلونَهُ بعدوِّهم ممَّا يَوَدُّونَه.