هذا لتثبيتِ أهلِ الإيمانِ ولتقويةِ عزائِمِهِمْ، فإنَّما يُنصَرونَ بإيمانِهم، لا بمجرَّدِ عَدَدِهم وعَتَادِهم، وكلُّ نصرِ اللهِ لنبيِّه ولأصحابِ نبيِّه كان مع قلَّةِ عَدَدٍ وضَعْفِ عُدَدٍ.
ولو ثبَتَ المؤمنُ في لقاءِ الكافرينَ، وترَكَ الرُّخْصةَ له بالفِرارِ والتحيُّزِ والتحرُّف، ويَغلِبُ على ظنِّه الهلاكُ بلا إثخانٍ فقُتِلَ، فلا خلافَ في أنه شهيدٌ محمودُ العاقبةِ إنْ أخلَصَ، ولم يقُلْ أحدٌ مِن السلفِ ولا يفهَمُ مِن النصوصِ: أنه مُلْقٍ بنفسِهِ إلى التهلُكةِ؛ فإنَّ آياتِ الترخيصِ بالتحيُّزِ والتحرُّفِ والتخفيفِ بالفِرارِ مِن العدوِّ إنْ كان أكثَرَ مِن الضِّعْفِ -جاءتْ للترخيصِ بذلك، لا لتفضيلِه، فضلًا عن إيجابِه.