في هذه الآيةِ: تفصيلُ الغنيمة، وبيانُ مُستحِقِّيها مِن المُقاتِلينَ وغيرِهم، وتقدَّمَ بيانُ أنَّ اللهَ خَصَّ هذه الأمَّةَ بحِلِّ الغنيمة، وكانت أوَّلَ الأمرِ جُعِلَتْ لرسولِ اللهِ ﷺ يُقسِّمُها على ما أرادَ، ثم فصَلَ اللهُ في أمرِها في هذه الآيةِ.
والمالُ المأخوذُ مِن الكفَّارِ أنواعٌ؛ منه: الغنيمةُ والفَيْءُ والأنفالُ والسَّلَبُ والجِزْيةُ والخَرَاجُ، وبينَ بعضِ هذه الأسماءِ تداخُلٌ في المعنى، وبينَ بعضِها تطابُقٌ عندَ بعضِ السلف، والغنيمةُ هي ما أُخِذَ بإيجافِ الخَيْلِ والرِّكَاب، فتُطلَقُ على ما أُخِذَ بقتالٍ؛ كما في غَزْوةِ بدرٍ وأُحُدٍ وحُنَيْنٍ وغيرِها، والفَيْءُ ما أُخِذَ مِن المشركينَ بلا قتالٍ؛ كما كان في فتحِ مَكَّةَ، وفيه نزَلَتْ آيةُ سورةِ الحشر، فقد نزَلَتْ في بني النَّضِير، وهي بعدَ بدرٍ.
ولا يصحُّ القولُ بأنَّ آيةَ الغنيمةِ في الأنفالِ ناسخةٌ لآيةِ الفَيْءِ مِن سورةِ الحشرِ؛ كما يقولُه قتادةُ؛ لأنَّ الحشرَ في غزوةِ بَني النَّضِير،