فأكثرُ العلماءِ على سقوطِها عنه؛ وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ وأحمدَ في المشهورِ عنه، سواءٌ كانت عبادةً أو زكاةَ مالٍ، أو طلاقًا أو قَسَمًا ويمينًا ونحوَ ذلك.
وقال الشافعيِّ وأحمدُ في روايةٍ أُخرى: إنَّه يَقضي ما عليه مِن حقِّ اللهِ.
والأظهَرُ: سقوطُ حقِّ اللهِ عنهم؛ فقد ارتَدَّ ناسٌ زمنَ النبيِّ ﷺ وعادُوا، ولم يأمُرْهم النبيُّ ﷺ بقضاءِ شيءٍ مِن حقِّ اللهِ الذي ترَكُوهُ زمنَ رِدَّتِهم؛ كابنِ أبي السَّرْح، وكالذين اتَّبَعُوا الأَسْوَدَ العَنْسِيَّ مُدَّعِيَ النبوَّةِ في زمنِهِ ﷺ، ولمَّا قُتِلَ، عادُوا إلى الإسلام، ولم يُؤمَرُوا بشيءٍ.
وقد ارتدَّتْ قبائلُ وجماعاتٌ زمنَ الخلفاءِ والصحابة، ولم يثبُتْ أنَّهم أَمَرُوهم بقضاءِ شيءٍ مِن حقِّ اللهِ تعالى، وقد جاءَ الوحيُ بإسقاطِ الحقِّ عن كلِّ مَن تحوَّلَ مِن كفرٍ إلى إسلامٍ؛ كما في "الصحيح"؛ مِن قولِهِ ﷺ:(إِنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ)(١).
وأمَّا الذِّمِّيُّ والكافرُ الحَربيُّ الذي يدخُلُ بُلْدانَ المُسلِمينَ بأمانٍ فيَقذِفُ ويُصِيبُ حَدًّا، فإنَّه يُقامُ عليه الحَدُّ، ويُعاقَبُ ويُؤاخَذُ بما جَنَى؛ لأنَّ لازِمَ عهدِهِ وأمانِهِ وذِمَّتِهِ حِفْظُ حقوقِ المُسلِمينَ.