للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقاتِلْ؛ خلافًا لأبي حنيفةَ وأبي يوسُفَ، ما لم يُؤذَن له بالقتال، والحديثُ في جَرَيانِ الذِّمَّةِ مِن كلِّ مسلمِ: يَشمَلُ العبدَ وغيرَهُ ممَّن يَصِحُّ جَرَبان العَقْدِ منه، ورَوى فُضَيْلُ بن زيدٍ - وكان غَزَا على عهدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ -رضي الله عنه- سَبْعَ غزَواتٍ - قال: لمَّا رَجَعْنا، تَخَلَّفَ عبدٌ مِن عَبِيدِ المُسلِمينَ، فكتَبَ لهم أمانًا في صَحِيفةٍ، فرَمَاهُ إليهم، قال: فكَتَبْنا إلى عُمرَ بنِ الخطَاب -رضي الله عنه-، فكتَب عُمَرُ: "إنَّ عبدَ المُسلِمينَ مِن المُسلِمينَ، ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهم"، فأجَاز عمرُ -رضي الله عنه- أمانَهُ؛ رواهُ ابنُ أبي شَيْبةَ والبيهقيُّ (١).

ومَن نظَرَ في كلام فقهاءِ السَّلَفِ صحابةَ وتابِعينَ، وجَدَ أنَّ عمَلَهُمْ على إمضاءِ أَمَانِ المرأةَ والعبد، وقد قال أبو عُبَيْدِ القاسمُ: "قد أجازَ المسلِمونَ أمَانَ المَمْلوكِ" (٢).

وقد اختَلَفَ العلماءُ في أمَانِ الصبيِّ المميِّز، فأجازَهُ الأوزاعيُّ في أحَدِ قولَيْه، ومنَعَه أكثَرُ العلماء، وحكاهُ ابنُ المُنذِرِ إجماعًا (٣).

ويدخُلُ في عمومِ إمضاءِ أمانِ المُسلِمينَ كلُّ واحدِ منهم، ولو مبتدِعًا، فمَن صَحَّتْ صلاتُهُ صحَّ أمانُه، وقد أجازَ الأوزاعيُّ أمَانَ الخوارجِ (٤).

ولا يُقيَل أمانُ الذِّمِّيِّ على المُسلِمينَ؛ لأنَّه ليس منهم، والحديثُ فيهم لا في غيرِهم؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (ذِمَّةُ المُسْلِمِيِنَ وَاحِدَةٌ) (٥)، وقال: (يُجِيرُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَدْنَاهمْ) (٦)، ومَنْ ليس منهم، ليس مِن أدْناهُم.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٣٣٩٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ١٩٤).
(٢) "الأموال" لأبي عبيد (ص ٢٤٢).
(٣) "الأوسط" (٦/ ٢٧٨)، و"الإجماع" (ص ٦٤).
(٤) أخرجه ابن زنجويه في "الأموال" (٧٢٧).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) أخرجه أحمد (٢/ ٢١٥)، وابن ماجه (٢٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>