الطاعةِ وعُذْرِهِ بتَرْكِها؛ ولهذا قال اللهُ عن المؤمنينَ: ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾، وقال عن المُنافِقينَ: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ [التوبة: ٨٧]؛ فالعبادةُ واحدةٌ، ولكنَّ المؤمِنَ حزينٌ على فَواتِها، والمُنافِقَ راضٍ فَرِحٌ بذلك.
وفي الآيةِ: عِظَمُ الإيمانِ باللهِ وأثَرُهُ على بيعِ النفوسِ له، فيَبْكونَ أنَّهم لا يَجِدُونَ مَن يأخُذُ نفوسَهُمْ إلى حيثُ مَصْرَعُها في جَنْبِ اللهِ.
واللهُ لم يَمْدَحْهم لمجرَّدِ الحَزَنِ؛ وإنَّما لأنَّ الجالِبَ له محمودٌ، وهو حُبُّ الطاعةِ وكَرَاهةُ فَوْتِها، ولا يَبْكي على فَوْتِ الطاعةِ إلَّا قويٌّ الإيمانِ بالله، كما بَكَى الصحابةُ ألَّا يَجِدُوا ما يَحمِلُهم معَهُ في سبيلِ الله، وفرقٌ بينَ المؤمِنِ والمُنافِقِ؛ فالمؤمِنُ يُريدُ الجهادَ وهو عاجزٌ، ويَبْكِي إنْ لم يَجِدْ، والمنافِقُ يَعتذِرُ وهو غنيٌّ ويَفرَحُ لعُذْرِه: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾.