للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البقرة: ٢٥٤]؛ قال "مِن الزَّكاةِ والتطوُّعِ" (١).

ووجوبُ إخراجِ الزكاةِ مِن عروضِ التِّجارةِ هو قولُ الأئمَّةِ الأربعة، وعمَلُ الخلفاءِ الرَّاشِدينَ؛ كعُمَرَ بنِ الخطَّابِ ، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ، ولا خلافَ بينَ الصحابةِ في وُجُوبِه، وقد رواهُ عن عُمرَ جماعةٌ لا يَختلِفونَ عنه في وجوبِ ذلك؛ كأنَسِ بنِ مالكٍ، وزيادِ بنِ حُدَيْرٍ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ عبدٍ القاريّ، والحسنِ البصريِّ.

وقد روى نافعٌ، عن ابنِ عُمَرَ؛ قال: "كان فيما كان مِن مالٍ في رَقِيقٍ أو في دوابَّ أو بَزٍّ يُدارُ لِتِجَارةٍ: الزَّكَاةُ كلَّ عَامٍ"؛ رواهُ أبو عُبَيْدٍ وعبدُ الرزَّاقِ (٢).

وبهذا قال التَّابِعونَ قاطِبةً، كالفقهاءِ السَّبْعةِ في المدينة، والزُّهْريّ، وهو قولُ عطاءٍ ومجاهِدٍ وعمرِو بنِ دينارٍ، ولم يُخالِفْهم أحَدٌ مِن المكِّيِّينَ وغيرِهم مِن فقهاءِ التابِعِينَ مِن بقيَّةِ البُلْدانِ؛ صحَّ عن الشَّعْبيِّ والحسَنِ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ والنَّخَعيِّ وحمَّادٍ والثُّوْريِّ مِن العِراق، ومِن الشامِ مَكْحولٌ والأوزاعيُّ، ومِن اليمَنِ طاوُسٌ، ولا مُخالِفَ لهم في بُلْدانِهم.

وكان عُمرُ بن عبد العزيزِ يأمُرُ بأخذِ عروضِ التِّجارة، كما كتَبَ إلى زُرَيْقِ بنِ حَيَّانَ - وكان على جَوَازِ مِصْرَ -: "أنِ انظُرْ مَن مَرَّ بك مِن المُسلِمينَ، فحُذْ ممَّا ظهَرَ مِن أموالِهم ممَّا يُدِيرُونَ مِن التِّجاراتِ"؛ رواهُ مالكٌ (٣).

وقد رَوَى أبو داودَ وغيرُهُ؛ مِن حديثِ سَمُرةَ مرفوعًا: "أَمَرَنا رسولُ اللهِ أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْع" (٤).


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ٥٢٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٧١٠٣)، وأبو عبيد في "الأموال" (١١٨١).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٢٥٥).
(٤) أخرجه أبو داود (١٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>