للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُستمتَعُ به؛ كما قال ابنُ جُرَيْجٍ: قلتُ لعَطَاءٍ: طعامٌ أُمسِكُهُ أُرِيدُ أَكْلَه، فيَحُولُ عليه الحَوْلُ؟ قال: ليس علَيك فيه صدَقةٌ، لَعَمْرِي إنَّا لَنَفعَلُ ذلك؛ نَبتاعُ الطَّعَامَ وما نُزَكِّيه، فإنْ كنتَ تُريدُ بيعَهُ فزَكِّهِ إذا بِعْتَه (١).

وبنحوِ هذا ومعناهُ يقولُ السَّلَفُ؛ كما رَوَى ابنُ جُرَيْجٍ؛ قال: قال لي عبدُ الكَريمِ في الحَرْثِ: "إذا أَعْطَيْتَ زكاتَهُ أوَّلَ مرَّةٍ، فحالَ عليه الحَوْلُ عِندَك، فلا تُزَكِّهِ؛ حَسْبُك الأُولى" (٢).

وبنحوِه نقَلَهُ ابنُ جُرَيْجٍ، عن عمرِو بنِ دينارٍ (٣).

وكلامُهُمْ وكلامُ طاوسٍ في الثِّمارِ والحبوب، وهم يَنتَفِعونَ منها ويَبيعونَ ما بَقِيَ، ولا يُدرَى عادةً مِقْدارُ ما يُرادُ بيعُهُ منه وما يَستنفِقونَهُ بالأكلِ منه، وهذا لا يُسحَبُ على عروضِ التِّجارةِ الخالِصةِ محتكَرةً أو مدارةً.

وفد بيَّن ابنُ عبد البَرِّ الخطَأَ في فَهْم قولِ عطاءٍ، فقال: "وأمَّا ما ذكَرَهُ عن عطاءٍ وعمرِو بنِ دينارٍ، فقد أخطَأَ عليهما، وليس ذلك بمعروفٍ عنهما" (٤).

النوعُ الثاني: العُرُوضُ التِّجَاريَّةُ، وهي التي تُعَدُّ للببع، وعامَّةُ العُلَماءِ على أنَّ فيها زكاةً، خِلافًا لداودَ الظاهريِّ، والآيةُ عامَّةٌ في الإنفاقِ ووُجُوبِ أَخْذِه، ولا يُؤمَرُ بأخذِ غيرِ المفروضِ أو ما بذَلَهُ صاحبُهُ، وقد قال تعالى: ﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٤]، وقد روى حجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ قولَهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠١١١).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٧٢٤٤)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠١١٢).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٧٢٤٤).
(٤) "الاستذكار" (٩/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>