للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البُنَانيُّ: "كنتُ أُقبِلُ مع أنسِ بنِ مالكٍ مِن الزَّاوَيَة، فإذا مَرَّ بمسجدٍ، قال: أمُحْدَثٌ هذا؟ فإن قلتُ: نَعَمْ، مَضَى، وإنْ قلتُ: عَتِيقٌ، صلَّى"؛ رواهُ أبو نُعيمٍ الفضلٍ بنٍ دُكَيْنٍ في كتابِه الصلاةِ (١).

وبهذا كان يَعملُ غيرُ واحدٍ مِن السلفِ؛ كما رَوَى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن عوفٍ، قال: "قَدِمَ عَامِلٌ لِمُعَاوِيَةَ، وَكَانَ بَعَثَهُ عَلَى الصَّدَقَات، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَإذَا هُوَ بِمَسْجِدَيْن، قَالَ: أَيُّهُمَا أَقْدَمُ؟ فَأُخْبِرَ بِه، فَأَتَى الَّذِي هُوَ أَقْدَمُهُمَا" (٢).

وبه كان يعملُ أبو وائلٍ (٣)، ومجاهِدٌ (٤)؛ رواهُ عنهما ليثٌ؛ أخرَجَه ابنُ أبي شَيْبةَ.

ومنهم: مَنْ قال بتفضيلِ المسجدِ الأكثرِ جماعةً على المسجدِ الأقدَمِ؛ وذلك لقولِهِ : (إِنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أزْكَى مِنْ صَلَاِتهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أزْكَى مِنْ صلَاِتِهِ مَعَ الرَّجُل، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى)؛ رواهُ أحمد وأصحابُ "السنن" (٥).

والأظهَرُ: أنه إنْ كان في البلدِ أو الحيِّ الكبيرِ مساجدُ متعدِّدةٌ: مسجدُ الحيِّ القريبُ الذي يصلِّي فبه جِيرانُ الرجُل، ومسجدٌ قديمٌ، ومسجدٌ أكثَرُ جماعةً، فإنَّ مسجدَ الحيِّ والجِيرانِ أَولى بالتقديمِ؛ لأنَّه يتحقَّقُ مَقاصِدُ عظيمةٌ غيرُ مَقاصِدِ الجماعةِ؛ كالإحسانِ إلى أهلِ الحيِّ وتعاهُدِهم، وقضاءِ حاجتِهم، وصِلَتِهم، وإجابةِ دَعْوتِهم؛ فهذا عملٌ عظيمٌ


(١) "فتح الباري" لابن رجب (١/ ٥٨٣)، وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٤٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٤٣).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٤٤).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٤٦).
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ١٤٠)، وأبو داود (٥٥٤)، والنسائي (٨٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>