أبي طالبٍ في سياقِ السفرِ في كُتُبهِمْ كأبي داودَ والتِّرمِذيِّ والنَّسائيِّ وابنِ حبَّانَ؛ لأنَّ غالبَ أحوالِ الناسِ عدمُ الرُّكُوبِ داخِلَ مُدُنِهم وقُرَاهُم، وكانت مُدُنُهم صغيرةَ وبيوتُهم مُتقارِبةً، ولم يكنِ الناسُ على الحالِ اليومَ مِن اتِّساعِ المُدُنِ والبُلْدان، وكثرةِ الركوبِ في الحَضَرِ أكثَرَ مِن السفر، بخلافِ الأوائلِ الذين يَركَبونَ في السفرِ أكثَرَ مِي الحَضَر، فأجْرِيَتْ أحاديثُ الركوبِ مُجْرَى الأسفارِ.
* * *
قال تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥)﴾ [هود: ٤٥].
في هذا أنَّ الولَدَ يدخُلُ في أهلِ الرجُلِ مع زوجتِه، فمَن أوصى وصيَّةً لأهلِه، دخَلَ فيها ولدُهُ، فنوحٌ جعَلَ ولدَهُ من أهلِه: ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾، ولم يُخرِجْهُ اللهُ مِن أهلِهِ إلَّا بسبب الكفر، فقال: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: ٤٦] , فهذا تأييدٌ لكونِهِ مِن أهلِه، وأخرَجَهُ عملُهُ السِّيئُ فقطْ.
ثم إنَّ اللهَ تعالى أمَرَ نوحًا أنْ يَحمِلَ أهلَة معه بقولِهِ: ﴿احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾ [هود: ٤٠]، ثم استثنَى مِن الأهلِ: ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ [هود: ٤٠] يعني: ولَدَهْ.
قال تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (٦٤)﴾ [هود: ٦٤].
اختارَ اللهُ ناقةً لتكونَ آيةً لقومِ صالحٍ، ولم يَجْعَل ذلك مِن غيرِها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute