في الآيةِ: استحبابُ إكرامِ الضَّيْفِ قبلَ سؤالِه، وعدمُ استئذانِهِ وإخبارِه؛ فإنَّ الملائكةَ لا نأكُلُ، ولو سألَهُمْ إبراهيمُ ما يَشتهُونَ وشاوَرَهُمْ بما سيُضِيفُهم به، لَمَا أذِنُوا له.
وتقدَّمَ الكلامُ على مسألةِ التحيَّةِ والسلام في مَواضعَ، منها عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٦].
وفي قولِه تعالى: ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ﴾ يُستحَبُّ أنَّ مَن كَرِهَ شيئًا مِن أَضيَافِهِ ألا يُشعِرَهم بذلك، فإبراهيمُ قد عرَفوا الخشيةَ منه ولم يتكلَّمْ بها إكرامًا لهم؛ لأنَّ اللَّهَ قال: ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾، والتوجُّسُ هو شعورٌ تَظهَرُ علاماتُهُ على الوجهِ والبدَن، ولا يتكلَّمُ به.
في هذه الآيةِ: أنَّ زوحةَ إبراهيمَ لم تكنْ جالِسةً معهم؛ وإنَّما قائمةً، فإمَّا أن تكونَ عندَ البابِ تَسمَعُ حديثَهُم؛ وهذا هو الأظهَرُ، وإمَّا أن تكونَ تقدَّمَ على خِدْمَتِهمْ ولا تجالِسُهم؛ كما يأتي الخادِمُ بالشيءِ ثم يَذهَبُ يه، وقد تقدَّمَ الكلامُ على اختلاطِ الرَّجالِ بالنَّساءِ في المَجالِسِ الدائمة، وبيان تحريمِهِ في مَواضِعَ، منها عندَ قولهِ تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] , وقولِهِ: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ