للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ﴾، وفي ذلك نسبةُ الفضلِ إلى اللَّه، والبراءةُ مِن الحَوْلِ والقوةِ إلَّا به، ودفعٌ لكِبْرِ النَّفْسِ وبَطَرِها واغترارِها؛ وذلك ظاهرٌ في قولِ اللَّه بعدُ: ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾؛ وفي هذا مِن كَسْرِ النَّفْسِ والكِبْر والعَيْن ما فيه.

ويُروى عندَ البيهقيِّ في "الأسماءِ والصفاتِ"، عن عُرْوةَ بنِ الزُّبَيْرِ؛ أنه كان إذا رأى مِن مالِه شيئًا يُعجِبُهُ، أو دخَلَ حائطًا مِن حيطانِه، قال: "ما شاءَ اللَّهُ لا قوةَ إلَّا باللَّهِ" (١)؛ يتأوَّلُ قولَ اللَّهِ: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.

وكان يفعلُ ذلك جماعةٌ مِن السلفِ؛ كما رَوَى ابن أبي حاتمٍ، عن زيادِ بنِ سعدٍ؛ قال: "كان ابنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ إذا دخَلَ أموالَهُ، قال: (ما شاء اللَّهُ، لا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ)؛ يتأوَّلُ قولَ اللَّهِ: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ﴾ " (٢).

ورَوَى عن مُطرِّفٍ؛ قال: "كان مالكٌ إذا دخَلَ بيتَهُ، قال: (ما شاءَ اللَّهُ)، قلتُ لمالكٍ: لِمَ تقولُ هذا؟ قال: ألَا تَسْمَعُ اللَّهُ يقولُ: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ﴾ الآية؟ ! " (٣).

ورَوَى عن حفصِ بنِ مَيْسَرةَ؛ قال: "رأيتُ على بابِ وهبِ بنِ مُنبِّهٍ مكتوبًا: (ما شاء اللَّهُ لا قوةَ إلَّا باللَّهِ)، وذلك قولُ اللَّه، ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ﴾ الآية" (٤).

الثاني لِمَنْ رأى نعيمَ غيرِه: أن يَدْعُوَ بالبَرَكة، وذلك لِما جاء عن أبي أمامةَ بنِ سهلِ بنِ حُنَيْفٍ؛ قال: "مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ


(١) أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٣٧١).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٦٢).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٦٢).
(٤) "تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>