للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم مَن قال: إنَّ التسميةَ في اليومِ الأولِ أفضلُ؛ وبهذا قال جماعةٌ مِن الفقهاءِ مِن المالكيَّةِ؛ وهو وجهٌ في مذهبِ أحمدَ.

ومَن نظَرَ في الأحاديثِ في التسميةِ عندَ الولادة، وجَدها أصَحَّ مِن التسميةِ في اليومِ السابعِ؛ كما قاله البيهقيُّ (١).

ومنهم مَن قال: إنَّه إنْ أرادَ أن يَعُقَّ عنه فيُسمِّيهِ مع عقيقتِهِ في السابعِ، ومَن لم يُرِدْ أن يَعُقَّ فيُسمِّيهِ أولَ يومٍ؛ وإلي هذا مالَ البخاريُّ، حيثُ بوَّبَ في كتابِه "الصحيحِ": (بابُ تسميةِ المولودِ غداةَ يُولَدُ لِمَن لم يَعُق) (٢)، وقد سمَّى النبيُّ ولدَه إبراهيم يومَ وُلدَ، وأمَّا الحسنُ والحُسَيْنُ، فسمَّاهُما يومَ السابعِ؛ كما في حديثِ عائشةَ؛ حيثُ قالتْ: "عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ عَن حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ يَوْمَ السَّابِعِ وَسَمَّاهُمَا"؛ رواهُ ابنُ حِبَّانَ وغيرُهُ (٣).

والآيةُ دالَّةٌ على جوازِ التسميةِ قبلَ الولادةِ؛ وذلك متوقِّفٌ على معجزةٍ؛ فلا يَعلَمُ الجنينَ ونوعَهُ قبلَ تكوُّنِهِ إلَّا اللَّهُ: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ [لقمان: ٣٤]، وهي في سياقِ البُشْرى وتأكيدِها، ومُقتضى التأكيدِ وتمامُ البشرى والنعيمِ التعجيلُ بالتسميةِ؛ لضمانِ تحقُّقِ المقصودِ وتمامِه.

وأمَّا التكنِّي، فبابُهُ واسعٌ؛ لأنَّ الكُنْيةَ لا يُقصَدُ بها مولودٌ بعَيْنِه؛ فقد يتكنَّى الرجُلُ ولا ولَدَ له، وقد يتكنَّى بذَكَرٍ وولدُه أُنثى، وقد يتكنَّى بأُنثى وولدُهُ ذكَرٌ، بخلافِ التسميةِ؛ فهي متعيَّنةٌ لولدٍ بعَيْنِه.

* * *


(١) "السنن الكبرى" البيهقي (٩/ ٣٠٥)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٥٨٩).
(٢) "صحيح البخاري" (٧/ ٨٣).
(٣) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٥٣١١)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٢٣٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>