للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك قولُهُ تعالى عن رُكَّابِ السفينةِ: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ [الكهف: ٧١]، ومِن ذلك قولُهُ تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦]؛ يعني: مِن أهلِ بيتِها، ومِثلُهُ قولُهُ تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ﴾ [يوسف: ٦٢].

وكان السلفُ يَتعاهَدونَ كلَّ أهلِ بيوتِهم بالصلاةِ والزكاةِ واستصلاحِ أمرِهم ولو كانوا خَدَمًا وجَوَارِيَ وعبيدًا، وقد روى الببهقىُّ؛ مِن حديثِ عاصمٍ؛ قال: جاء رجلٌ إلى الحسَنِ، فقال له: يا أبا سعيدٍ، إنَّ لي جاريةً حسَنةً الصوتِ، لو عَلَّمْتُها الغناءَ لعلِّي آخُذُ بها مِن مالِ هؤلاءِ، قال الحسَنُ: إنَّ إسماعيلَ كان يأمُرُ أهلَهُ بالصلاةِ والزكاةِ، وكان عندَ ربِّه مَرضِيًّا، فأعاد عليه الرجُلُ القولَ ثلاثَ مرَّاتٍ، كلَّ ذلك يقولُ له الحسَنُ: إنَّ إسماعلَ كان يأمُرُ أهلَهُ بالصلاةِ والزكاةِ (١).

وقد أمَرَ اللَّهُ بأمرِ الأولادِ بالصلاةِ وتعاهُدِهم عليها، ويجبُ ذلك على الوليِّ عندَ تمييزِ الولدِ بالكلامِ أمرًا، وضَرْبًا غيرَ مبرِّحٍ عندَ العِصْيانِ عندَ العاشرةِ؛ كما في قولِهِ : (مُرُوا أوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ) (٢).

وظاهرُ الحديثِ: أنَّ الولدَ لا يؤمَرُ بها قبلَ السابعةِ، ولا يُضرَبُ قبلَ العاشرةِ، ولكن قبلَ السابعةِ يُعرضُ له: (لو صَلَّيتَ معنا، وماذا ترى بالصلاةِ مع الناسِ؟ )، وهذا لي حالِ قُرْبِهِ مِن التمييزِ، ولا يؤتى به إلى مواضعِ الصلاةِ وصفوف المُصلِّينَ إنْ كان يقطعُها ويُذهِبُ خشوعَهُمْ ببكائِهِ ولَعِبِه.


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢٦).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٧)، وأبو داود (٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>