للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُستحَبُّ تعاهُدُ الأهلِ بصلاةِ النافِلةِ، وخاصَّةَ الزَّوْجةَ؛ فقد كان النبيُّ يتعاهَدُ أهلَهُ وَيُوقِظُ أهلَهُ لصلاةِ الوِتْرِ، وكان يحُثُّ الناسَ على ذلك، ففي "السُّننِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ وأبي سعيدِ؛ قال : (إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّبَا أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ) (١).

وفيها أيضًا عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ : (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قامَ مِنَ الَّليْلِ فَصَلَّى، وَأْيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجهِهِ المَاءَ) (٢).

* * *

* قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)[مريم: ٥٩].

ذكَرَ اللَّهُ الأنبياءَ ومَن اتَّبَعَهُمْ ممَّن اقتفَى أثرَهُم، وذكَر مَنْ خَلْفَهم ممَّن مالوا وحادُوا عن الصراطِ المستقيم، وأولُ وصفِ سوءٍ لهم ذكَرَهم به: أنَّهم: ﴿أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾، فقرَنَ اللَّهُ إضاعةَ الصلواتِ باتِّباعِ الشهواتِ؛ لأن الصلاةَ لا يُضِيعهُا إِلَّا غارِقٌ في الشهوةِ، يستمتِعُ بالعاجلِ فيَصرِفُهُ عن الآجِلِ.

وقد كان السلف يَعُدُّونَ كلَّ شَهْوةٍ صارفةٍ عن الطاعةِ هي مِن هذا البابِ؛ وذلك أنَّ ثَمَّةَ تلازُمًا بينَ الشهواتِ وتركِ الصلاةِ؛ فكلَّما زادَتِ


(١) أخرجه أبو داود (١٣٠٩)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٣١٢)، وابن ماجه (١٣٣٥).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٠)، وأبو داود (١٣٠٨)، والنسائي (١٦١٠)، وابن ماجه (١٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>