للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أمَرَ النبيُّ بذلك؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أنسٍ: (مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا؛ لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾) (١).

وأمَّا ما يقولُهُ بعضُ الفقهاءِ: أنَّ الصلاة المنسيَّةَ لا تُقضى إلَّا مع مَثِيلَتِها مِن الغدِ، فهذا لا دليلَ عليه، ويُخالِفُ ظاهرَ القرآنِ، وصريحَ السُّنَّةِ، وعملَ الصحابةِ .

وإذا اجتمَعَتْ صلاتانِ: حاضرةٌ ومنسيَّةٌ، والوقتُ متَّسِعٌ، فالواجبُ عندَ عامَّةِ الفقهاءِ المذاهبِ الأربعةِ تقديمُ المنسيَّةِ؛ لأنَّها أسبَقُ، ولحقِّ الترتيبِ بينَهما؛ فهما في حُكْمِ الصلاتَيْنِ الحاضرتَيْنِ المجموعتَيْنِ؛ كالظُّهْرِ والعصْرِ، والمغرِبِ والعِشَاءِ، ولمَّا فاتتْ صلاةُ العصر النبيَّ حتى غابتِ الشمسُ، صلَّاها ثمَّ صلَّى المغرِبَ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ حابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ؛ أن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدتُّ أُصَلِّي العَصْرَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغرُبُ! فقال النبيُّ : (وَاللَّهِ مَا صَلَّيتُهَا! )، فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ (٢).

ولم يثبُتْ أنَّ النبيَّ صلَّى على غيرِ ترتيبٍ؛ لا صلواتٍ فائتةً، ولا صلواتٍ حاضرةً مجموعةً.

وإذا كان الوقتُ ضيِّقًا لا يتَّسعُ لتقديمِ الفائتةِ على الحاضرةِ، وإنَّما يَكفي للحاضرةِ فقطْ، فيُقدِّمُ الحاضرةَ على الفائتةِ، ويسقُطُ عنه الترتيبُ؛ حتى لا يكونَ في حقِّه فائتتانِ بدلًا مِن صلاةٍ فائتةٍ واحدةٍ.


(١) أخرجه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٦)، ومسلم (٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>