للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا أكثرُ الفقهاءِ مِن المذاهب؛ وبهذا قال ابن المسيَّبِ والحسنُ وربيعةُ.

وخالَفَ في ذلك المالكيَّةُ، فقالوا بوجوبِ الترتيبِ ليسيرِ الفوائتِ ولو فاتتِ الصلاةُ الحاضرةُ، وهو روايةٌ عن أحمدَ اختارَها بعضُ أصحابِه؛ كالخلَّالِ وأبي بكرٍ.

والفقهاءُ يختلِفونَ في وجوبِ الترتيب وإنْ قالوا بمشروعيَّتِهِ جميعًا، على أقوالٍ ثلاثةٍ:

قالتْ طائفةٌ: بوجوب الترتيب بينَ فوائتِ الصلواتِ كثيرِها ويسيرِها؛ وهذا ظاهرُ مذهبِ أحمدَ، لأَنَّ القضاءَ يَحكِي الأداءَ.

وذهبت طائفةٌ: إلى وجوبِ الترتيب في يسيرِ الفوائتِ لا كثيرِها؛ وهذا ظاهرُ مذهب المالكيَّةِ والحنفيَّةِ، واختلَفُوا في الفَرْقِ بينَ الكثيرِ واليسيرِ، وعامَّتُهم على أنَّ اليومَ والليلةَ يسيرٌ يجبُ الترتيبُ فيه.

وذهبتْ طائفةٌ: إلى استحباب الترتيبِ عندَ قضاءِ الفوائتِ، وأنَّه لا يجبُ؛ وهذا مذهبُ الشافعيَّةِ؛ وذلَك أنَّ الفوائتَ كالدُّيونِ لا يضُره بأيِّها بدَأَ.

وظاهرُ الأقوالِ: أنَّ الصلواتِ الكثيرةَ لا يجبُ فيها الترتيبُ، وهو قولُ جمهورِ الفقهاءِ مِن الحنفيَّةِ والمالكيَّةِ والشافعيَّةِ، خلافًا لأحمدَ فلا يُفرِّقُ بينَ قليلٍ وكثيرٍ.

ومَن نَسِيَ صلاةً فائتةً، ثمَّ صلَّى حاضرةَ، فتذكَّرَ الفائتةَ في الوقتِ، فلا يجبُ عليه أن يُعِيدَ الحاضِرةَ عندَ أحمدَ؛ فإنَّه يُسقِطُ الترتيبَ بالنِّسْيانِ، وأمَّا ما رُوي عن ابنِ عمرَ ، عن النبيِّ ، قال: (مَن نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَامِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَلْيُعِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>