وقولُه تعالى:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} هو الذَّبْحُ يومَ النحرِ.
وفي هذه الآيةِ: دليلٌ على مشروعيَّةِ نحرِ الهَدْيِ في جميعِ الأَنْسَاكِ: الإفرادِ والقِرَانِ والتمتُّعِ، فقد جعَلَهُ اللَّهُ عملًا مِن أعمالِ يومِ النحرِ ولم يُخصِّصْ، وقد كان الصحابةُ يُهدُونَ في كلِّ أَنْسَاكِهم وإنْ لم يكنْ واجبًا عليهم، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسُوقُ هَدْيَهُ معه حتى في العمرةِ كما في الحُدَيْبِيَةِ، بل قد كان يَبعثُ بهَدْيِهِ إلى مَكَّةَ ليُذبَحَ يومَ النحرِ، وهو في المدينةِ حلالٌ.
وفي قولِه تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}؛ يعني: طوافَ الحجِّ، وهو طوافُ الإفاضةِ، وهو ركنُ الحجِّ بالإجماعِ، والطوافُ آخِرُ أعمالِ يومِ النحرِ.
وفي الآيةِ: دليلٌ على أنَّ الحجَّ يصحُّ بطوافِ الإفاضةِ؛ لأنَّه آخِرُ الأركانِ وبه يتحلَّلُ، وأمَّا غيرُهُ، فواجِباتٌ أو مستحبَّاتٌ؛ لا تُسقِطُ الحجَّ ولا تُبطِلُه، ولكنَّها تَنْقُصُه.
وتشرَعُ المبادَرَةُ بإنجازِهِ؛ كما فعَلَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فقد طاف ضُحًى.
حُرُماتُ اللَّهِ كثيرةٌ، والمرادُ هنا حُرُماتُه في الحجِّ، وهي شعائرُ دِينِهِ التي أمَرَ بإقامتِها، فامتثالُ أمرِهِ في النُّسُكِ بفعلِ المأمورِ واجتنابِ