للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدَ، وهو الصحيحُ مِن مذهبِ الشافعيَّةِ وقولُ جمهورِهم المتقدِّمينَ، والأفضلُ عندَهم: التصدُّقُ بأكثرِها.

* * *

* قال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)[الحج: ٢٩].

يُشرَعُ يومَ النَّحْرِ أنْ يأخُذَ الحاجُّ بأسبابِ التحلُّلِ، وأوَّلُها رميُ جمرةِ العَقَبةِ، وبها يتخلَّلُ تحلُّلَهُ الأولَ على الأرجحِ، ويُستحَبُّ أن يأتيَ بأعمالِ النحرِ؛ كما فعَلَها رسولُ اللَّهِ مرتَّبةً، فيَبدأْ بجَمْرةِ العَقَبةِ، ثمَّ يَنحَرُ هَدْيَه، ثمَّ يَحلِقُ، ثُمَّ يطوفُ بالبيت؛ وذلك أنَّ اللَّه تعالى يقولُ: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦].

ولو قدَّم أو أخَّر شيئًا على شيءٍ مِن أعمالِ يومِ النحرِ، جاز له ذلك؛ وذلك أنَّ النبيَّ فعَلَ هذه الأعمالَ ولم يُلزِمْ بها، بل خَفَّفَ لمَن اجتهَدَ وقد قَدَّمَ بينَها وأَخَّرَ، كما ثبَت في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ قَالَ: (اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ)، فَجَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ)، فَمَا سُئِلَ يَومَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدَّمَ وَلَا أُخِّرَ، إِلَّا قَالَ: (افْعَلْ وَلَا حَرَجَ) (١).

والتَّفَثُ في قولِه: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ هي أعمالُ النحرِ؛ مِن الرَّمْيِ، والحَلْقِ، ولُبْسِ المَخِيطِ، وقَصِّ الأظفارِ والشاربِ، وجاء عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمرَ أنَّها جميعُ أعمالِ المناسكِ (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٧٣٦)، ومسلم (١٣٠٦).
(٢) "تفسير الطبري" (١٦/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>