للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)} [الحج: ٣٦].

بعدَما ذكَرَ اللَّهُ بهيمةَ الأنعامِ على سبيل الإجمالِ، لم يُسَمِّ اللَّهُ هنا إلَّا، البُدْنَ منها، ويتَّفِقُ العلماءُ على أنَّ الإبلَ مِن البُدْنِ في الآيةِ، وإنَّما اختلَفُوا في دخولِ البقرِ فيها؛ وذلك أنَّ البُدْنَ في لغةِ العربِ هو ما ضَخُمَ مِن الأشياءِ:

وقد ذهَبَ ابنُ عمرَ وعطاءٌ وابنُ المسيَّبِ والحسنُ أنَّ البقرَ داخلٌ في البُدْنِ في الآيةِ (١).

وقد قال مجاهدٌ: ليس البُدْنُ إلَّا الإبلَ (٢)؛ وذلك لنَفَاسَتِها وفضلِها، ومِن هذا أخَذَ العلماءُ فضلَ البُدْنِ في الهَدْيِ على غيرِها؛ وذلك أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا حَجَّ في حجةِ الوداعِ، ساقَ مِئَةً مِن الإبلِ، ونحَر بيدِهِ ثلاثًا وستينَ، ولم يَنحَرْ بقرةً ولا شاةً بيدِه، وإن كان -صلى اللَّه عليه وسلم- أَهدى عن نسائِهِ بالبَقَرِ؛ كما في "الصحيحَيْنِ" (٣).

ولا يختلِفُ العلماءُ: أنَّ البَدَنَةَ والبَقَرةَ تُجزِئُ عن سبعةٍ، ولا يَختلِفونَ أنَّ البقرةَ لا تَزِيدُ في إجزائِها عن ذلك، ولكنَّهم اختلَفوا في البَدَنةِ، وفد ثبَتَ أنَّ البدَنةَ تُجزِئُ عن سبعةٍ؛ كما في حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ؛ قال: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامَ الْحُدَيبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ". أخرَجَه مسلمٌ (٤).


(١) "تفسير ابن كثير" (٥/ ٤٢٥).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٤٩٣)
(٣) أخرجه البخاري (٢٩٤)، ومسلم (١٢١١).
(٤) أخرجه مسلم (١٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>