للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم: مَن جعَلَ البدَنةَ عن عَشَرةٍ؛ وبه قال إِسحاقُ؛ وذلك لِما رواهُ أحمدُ وأهلُ "السنن"، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ أنَّه قال: "كنا مع رسولِ اللَّهِ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ الأَضْحَى، فَاشْتَرَكْنَا فِي البَقَرَةِ سَبْعَةً، وَفِي البَعِيرِ عَشَرَةً" (١).

والشاةُ لا بجوزُ الاشتراكُ في تملُّكِها لِمَنْ أراد أن يُضحِّيَ بها، مع جوازِ أن يُشرِكَ غيرَهُ في الأجرِ بها، مِن أهلِ بيتِهِ وغيرِهم، كما فعَلَ النبيُّ ، وأمَّا الاشتراكُ في مِلْكِ البقرةِ والبعيرِ، فيجوزُ لمَن أراد أن يُضحِّيَ أو يُهدِيَ هَدْيًا واجبًا أن يُشرِكَ غيرَهُ فيها الى سبعهِ أشخاصٍ؛ لِما تقدَّمَ، ولم يكنِ الصحابةُ يتشارَكونَ في مِلْكِ الهَدْيِ والأُضْحِيَّةِ إلَّا في الإبلِ والبقرِ، ولم يثبُتْ عنهم ذلك في الغنمِ.

وأمَّا ما رواهُ أحمدُ؛ مِن حديثِ أبي الأشَدِّ، عن أبيه، عن جدِّه؛ قال: "كنْتُ سَابعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسولِ اللَّهِ ؛ قَالَ: فَأَمَرَنَا نَجمَعُ لِكُلِّ رَجُلِ مِنَّا دِرْهَمًا، فَاشْتَرَيْنَا أُضْحِيَّةً بِسبْعَةِ الدَّرَاهِمِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَغْلَيْنَا بِهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ : (إِنَّ أَفْضَلَ الضَّحَايَا أَغْلَاهَا وَأَسْمَنُهَا)، فأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَخَذَ رَجلٌ بِرِجْلٍ، وَرَجُلٌ بِرِجْلٍ، وَرَجُلٌ بِيَدٍ، وَرَجُلٌ بِيَدٍ، وَرَجُلٌ بِقَرْنٍ، وَرَجُلٌ بِقَرْنٍ، وَذَبَحَهَا السَّابعُ، وَكَبَّرْنَا عَلَيْهَا جَمِيعًا" (٢)، فلا يصحَّ؛ وذلك أنَّ في سندِهِ جهالةً، ولو صحَّ، فليس في الحديثِ أنَّ الأُضْحِيَّةَ مِن الغنمِ.

ويجوزُ أن يشترِكَ اثنانِ في مِلْكِ شاةٍ يُريدانِ أن يُضَحِّيَا عن شخصٍ واحدِ غيرِهما؛ لأنَّه مِن التبرُّعِ، وبابُه واسعٌ، وذلك كما لو قامَا بدفعِ قيمتِها إلى المُضحَّى عنه؛ ليَشترِيَها ثمَّ يَذْبَحَها.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٧٥)، والترمذي (١٥٠١)، والنسائي (٤٣٩٢)، وابن ماجه (٣١٣١).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>