للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)[الحج: ٣٧].

بيَّنَ اللَّهُ أنَّ ما يفعلُهُ المُسلِمونَ في يومِ النحرِ مِن طاعتِهِ؛ بسَوْقِ الهَدْي، واستسمانِ الأضاحيِّ، واختبارِ طيِّبِها: أنَّ هذا نفعٌ لأنفُسِهم، وتقويمٌ لقلوبِهم على تَقوَى اللَّهِ، وليس ذلك مِن نفعِ اللَّهِ في شيءٍ، فما يصلُ الى اللَّهِ تَقْوَاهُم، لا لحومُهُمْ وهَدْيُهم، فيأجُرُهم على ما يَعلمُ مِن صِدْقِهم وما عمِلُوهُ مِن عملٍ صالحٍ.

وقيل: إنَّ الجاهليِّينَ كانوا يَنحَرُونَ هَدْبَهم ويَنْصِحُونَ بدماءِ الهَدْيِ البيتَ لإظهارِ التقرُّبِ إلى اللَّهِ؛ فبيَّنَ اللَّهُ أنَّه أرادَ ظهورَ التقوى في قلوبِكم، لا أنْ تتكلَّفوا ذلك في بيتِه، فلن يصلَ ذلك إلى اللَّهِ كما يتوهَّمُهُ الجاهليُّونَ؛ لأنَّه بِدْعةٌ وضلالةٌ.

* * *

* قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠)[الحج: ٣٩ - ٤٠].

في هذه الآيةِ: إشعارٌ للنبيِّ بالقتالِ لمَّا أخرَجَهُ قومُهُ مِن مَكَّةَ ظُلْمًا وبغيًا، وهذه الآيةُ أولُ ما نزَلَ مِن آياتِ القتالِ، قال ابنُ عبَّاسٍ: "لمَّا خرَجَ النبيُّ مِن مَكَّةَ، قال أبو بكرِ: أَخرَجُوا نبيَّهم، إنَّا للَّهِ وإنَّا إليه راجِعونَ، لَيَهْلِكَنَّ القومُ! فنزَلَتْ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>