للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا عن شريعةِ الجهادِ، فقد تقدَّم الكلامُ على زمنِ مشروعيَّةِ القتالِ ومراحلِه، وبعضِ معاني التمكينِ، ووجوبِ الجمعِ بينَ الأسبابِ الشرعيَّةِ والكونيَّةِ للنصرِ، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [النساء: ٧٧].

* * *

* قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)[الحج: ٦٠].

أَذِنَ اللَّه للمؤمِنينَ بالعقابِ بمِثْلِ ما عُوقِبَ الإنسانُ به، وجعَلَ ذلك حقًّا له، وتوعَّدَ الباغيَ بعدَ ذلك بالهزيمةِ، والمنتصِرَ بالنصرِ؛ وهذه الآيةُ في معنى قولِهِ تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠].

وقد تقدَّم الكلامُ على الانتصارِ للنَّفْسِ بمِثْلِ ما بُغِيَ عليها عندَ قولِهِ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، وسيأتي بيانُ أحوالِ الانتصارِ للنَّفْسِ عندَ قولِهِ تعالى في سورةِ الشعراءِ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)[الشعراء: ٢٢٧].

ويُروى أنَّ هذه الآيةَ نزَلَتْ في سَرِيَّةٍ مِن الصحابةِ، لَقُوا جمعًا مِن المشرِكِينَ في شهرِ المحرَّمِ، فناشَدَهُمُ المُسلِمونَ لئلا يُقاتِلوهم في الشهرِ الحرامِ، فأبى المشرِكُونَ إلَّا قتالَهم وبغَوْا عليهم، فقاتَلَهُمُ المُسلِمونَ، فنصَرَهم اللَّهُ عليهم؛ روى ابنُ أبي حاتمٍ هذا عن مُقاتِلٍ (١)، ورواهُ ابنُ جريرٍ الطبريُّ عن ابنِ جُرَيْجٍ (٢).

* * *


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٥٠٣).
(٢) "تفسير الطبري" (١٦/ ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>