للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عبَّاسٍ؛ قال في قصةِ هلالِ بنِ أميَّةَ وزوجتِهِ وولدِها: "فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَلَّا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأبٍ، وَلَا تُرْمَى، وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَن رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ" (١).

ثالثًا: لو كان الزوجُ لا يَقدِرُ على نفيِ الولدِ بعدَ اللِّعَانِ لمجرَّدِ شهادةِ الزوجةِ ومُلاعَنتِها، فهذا يُبقهِ منسوبًا إله وهو في عِلْمِهِ أنَّه ليس ولدَهُ، وهذا مَجْلَبةٌ لمَفاسِدَ عظيمةٍ لاحِقةٍ بينَهُ وبينَ زوجِهِ والولدِ، والشريعةُ ما جاءت باللِّعانِ إلَّا لتُغلِقَ البابَ على شرٍّ وفتنةٍ طويلةٍ.

وأمَّا ما جاء في قصةِ هلالِ بنِ أميَّةَ وزوجِهِ؛ حيثُ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أَبْصِرُوهَا؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابغَ الآليَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَينِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ) (٢)، وما جاء في قصةِ عُوَيْمِرٍ وزوجِهِ؛ حيثُ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (انْظُرُوا؛ فَإنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَينِ، خَدَلَّجَ السَّاقَينِ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَت بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسِبُ عُويمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا) (٣)، فإنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُرِدْ بالأَشْبَاهِ أنَّ إلحاقَ الولدِ غيرُ مُعتبِرٍ باللِّعانِ فيه، فذلك لم يَفهَمْه أحدٌ مِن الصحابةِ؛ وإنَّما أراد النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيانَ الصادقِ مِن الكاذبِ، وأنَّ الشهادةَ واللعنَ تَدرأُ عن صاحِبِها الحَدَّ ولو قامَتِ القرائنُ عليه، ولو كانتِ الأشباهُ تُلحِقُ النَّسَبَ، لَمَا رَدَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجُلَ لاختلافِ لونِ ولدِهِ عنه، فذكَّرَهُ باختلافِ ألوانِ إبلِه.

والعلماءُ يتَّفقونَ على أنَّ الزوجَ يَنتفي ولدُهُ بعدَ اللعانِ إنْ كان لِعانُهُ لها لأجلِ نفي الولدِ؛ وإنَّما الخلافُ عندَهم في زمنِ نفي الولدِ.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٩)، وأبو داود (٢٢٥٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>