للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولى: الزينةُ الباطنةُ التي لا تَظهَرُ لأحدٍ، وهذا في قولِه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾، ثمَّ أَتْبَعَها بالاستثناءِ.

الثانيةُ: الزينةُ الظاهرةُ، التي تَظهَرُ لمَنْ خَصَّهُمُ اللَّهُ بها، بقولِه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، وبعضُ الناظرِينَ لتفسيرِ السلفِ لقولِه: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ يَحمِلُ تفسيرَهُمْ أنَّهم يُظهِرُونَهُ للأجانبِ غيرِ المَحارِمِ، فيَنْقُلُونَ عن جماعةٍ مِن الصحابةِ والتابعينَ قولَهُمْ في ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ أنَّه (الكَفُّ والوجهُ)؛ كما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمرَ والضحَّاكِ (١)، أو (الكُحْلُ والخضَابُ والخاتَمُ)؛ كما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ (٢) ومجاهدٍ (٣) وابنِ جُبَيْرٍ (٤)، أو (الكُحْلُ والخاتَمُ)؛ كما رُوِيَ عن أنسٍ (٥)، أو (الخِضَابُ والكُحْلُ)؛ كما رُوِيَ عن عطاءٍ (٦)، أو (الكُحْلُ)؛ كما رُوِيَ عن الشعبيِّ وقتادةَ، أو (الوجهُ والثيابُ)؛ كما رُوِيَ عن الحسنِ وقتادةَ أيضًا (٧)، أو (الوجهُ وثُغْرةُ النَّحْرِ)؛ كما جاء عن عِكرِمةَ (٨)، أو (الكُحْلُ والثيابُ)؛ كما جاء عن الشَّعْبيِّ (٩)؛ وهذا أصحُّ ما جاء عن الصحابهِ والتابعبنَ مِن تفسيرِ آيةِ الزينةِ.

والأظهَرُ أنَّ كلامَ هؤلاء السلفِ إنَّما هو في الزِّينةِ الظاهِرةِ للمَحارِمِ مِن النَّسَبِ والرَّضَاعِ، والصحابهُ والتابعونَ كانوا على قَدْرٍ شديدٍ مِن العفافِ والسترِ، حتى إنَّهم قلَّما يُسْأَلُونَ عمَّا تُبْدِيهِ الحُرَّةُ للرجلِ الأجنبيِّ.


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٥٧٤).
(٢) "تفسير البغوي" (٦/ ٣٤).
(٣) "تفسير الطبري" (١٧/ ٢٦٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٥٧٤).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠١٥).
(٥) "الدر المنثور" (١١/ ٢٣).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠١٢).
(٧) "تفسير الطبري" (١٧/ ٢٦١).
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠٢١).
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>