للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوضِّحُ أنَّ مرادَ الصحابةِ والتابعينَ كشفُ الزينةِ الظاهرةِ للمَحَارِمِ لا الأجانب: نصوصُهُمُ الأُخرى ونصوصُ غيرِهم الصريحةُ في ذلك، التي لا تتفِقُ وتجتمِعُ إلَّا على هذا المعنى؛ وذلك مِن أربعةِ وجوهٍ:

الوجهُ الأولُ: أنَّ جميعَ مَن صَحَّ عنه نفسيرُ الزينةِ الظاهِرةِ في آيةِ النورِ: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، قد صحَّ عنه ما يَحمِلُ تفسيرَهُ على تخصيصِهِ للمَحَارِمِ صريحًا في موضعِ آخَرَ:

أما عبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ: فصحَّ عنه أنَّه قال: "الزينةُ الظاهرةُ: الوجهُ وكُحْلُ العَيْن وخِضَابُ الكفِّ والخاتَمُ، فهذا تُظهِرُهُ في بيتِها لمَنْ دخَلَ عليها" -ثمَّ قال صريحًا-: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾، والزينةُ التي تُبدِيها لهؤلاءِ الناسِ قُرْطَاهَا وقِلَادَتُها وسِوَارَاها، فأمَّا خَلْخَالُها ومِعْضَدَتُها ونَحْرُها وشَعَرُها، فلا تُبديهِ إلا لزوجِها".

أخرَجَهُ البيهقيُّ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، وهو صحيحٌ (١).

وصحَّ عن ابنِ عبَّاسِ أيضًا لمَّا ذكَرَ المَحارِمَ: "الزِّينةُ التي تُبدِيها لهؤلاءِ: قُرْطَاهَا وقِلادتُها وسِوَارَاها، وأمَّا خَلْخَالاهَا ومِعْضَدَاهَا ونحرُها وشعرُها، فإنَّها لا تُبديهِ إِلَّا لزوجِها"؛ أخرَجَهُ ابنْ جريرٍ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ (٢).

وعلى هذا اتَّسَقَ جميعُ تفسيرِ ابنِ عبَّاسِ وأقوالِهِ في كلِّ أبوابِ الفقهِ؛ كالحجِّ وآيةِ الأحزابِ، وفي آيةِ القواعدِ (العجائزِ): ﴿فَلَيْسَ


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٩٤).
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>