للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ [النور: ٦٠]، قال: (الجلابيبُ) (١)، وهي التي على الشابَّةِ؛ كما صَحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ قولُهُ: "أمَرَ اللَّهُ نساءَ المؤمِنينَ إذا خرَجْنَ مِن ببوتِهنَّ في حاجةٍ أن يُغَطِّنَ وجوهَهُنَّ مِن فوقِ رؤوسِهنَّ بالجلابيبِ، ويُبدِينَ عينًا واحدةً" (٢)، وصحَّ عنه أيضًا قولُه: "تُدْلِي الجلبابَ على وَجْهِها" (٣).

وجميعُ أصحابِ ابنِ عبَّاسٍ الذين رُوِيَ عنهم ما يُشابِهُ قولَهُ - لم يكونوا يُسألونَ عن غيرِ المَحَارِمِ، والسؤالُ عنهم غيرُ واردٍ؛ لوضوحِهِ وجلائِه، وقد كانوا على نوعٍ مِن العفافِ والسِّتْرِ شديدٍ، فيُطلِقونَ إطلاقاتٍ لا يَفهَمُها مَن تأثَّرَ بواقعِ السُّفُورِ والتعرِّي، حتى أصبَحَتْ مِن النساءِ مَن تَلبَسُ عندَ الأجانبِ ما لا تَلبَسُهُ نساءُ السلفِ عندَ أبيها وأخيها وابنِها، ومَن جمَعَ أقوالَ أولئِكَ السلفِ المفسِّرينَ للزِّينةِ مِن أبوابِ السَّتْرِ والعَوْراتِ، ظهَر له مرادُهم جليًّا:

فأمَّا سعيدُ بنُ جُبيرٍ: فصحَّ عنه أنَّ تخفيفَ اللَّهِ عن القواعدِ (العجوزِ) هو وضعُ (الجلابيبِ) فقطْ؛ قال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ: لا تتبرَّجْنَ بوضعِ الجلبابِ أن يُرى ما عليها مِن الزينةِ (٤)، والجلابيبُ هي ما يستُرُ الوجوهَ على ما يأتي بيانُهُ في آيةِ القواعدِ: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النور: ٦٠]، وآيةِ الأحزابِ: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [٥٩]، فإنْ كانتْ هذه هي الرُّخْصةَ عندَ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ للعجوزِ، فهي ليستْ رخصةً للشابَّةِ، وقد أجمَعَ العلماءُ أنَّه لا يَحِلُّ للعجوزِ إظهارُ شَعَرِها؛ حَكَى الإجماعَ


(١) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٦٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٤١).
(٢) "تفسير الطبري" (١٩/ ١٨١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣١٥٤).
(٣) "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٤/ ٩)، و"مسائل الإمام أحمد رواية أبى داود" (ص ١٥٤) مسألة (٧٣٢).
(٤) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>