للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحمَلُ قولُهما في ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾: أنَّ المرأةَ تُبدِي وجهَها وكفَّيْها وكُحْلَها للأجانبِ الأبعدِيَن، وهما يُشدِّدَانِ في المحارمِ غيرِ المذكورِينَ في الآية؟ ! فقد روى داودُ، عن الشَّعْبيِّ وعِكْرِمةَ في قولِه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ﴾ حتى فرَغ منها، قالا: "لم يُذكَرِ العمُّ والخالُ؛ لأنَّهما يَنعَتانِ لأبنائِهما، وقالا: لا تضعُ خِمَارَها عندَ العمِّ والخالِ"؛ أخرَجَهُ ابنُ أبي شيبةَ (١) وابنُ جريرٍ (٢) وابنُ المنذِرِ (٣).

ويعضُدُ هذا: ما رواهُ جابرٌ، عن عامرٍ: "أنَّه كَرِهَ أن ينظُرَ إلى شَعَرِ كلِّ ذي مَحْرَمٍ"؛ أخرَجَهُ ابنُ أبي شيبةَ (٤).

ثمَّ إنَّه قد صحَّ عن الشَّعْبيِّ (٥) ما صحَّ عن ابنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ في العجوزِ.

وأمَّا الحسَنُ البصريُّ: فإنَّه لا يَرَى أن يَرَى الأخُ أختهُ بلا خمارٍ على رأسِها؛ فقد صحَّ عن هشامٍ، عن الحسنِ، في المرأةِ تَضَعُ خِمَارَها عندَ أخيها؟ قال: "واللَّهِ؛ ما لها ذاك"؛ أخرَجَهُ ابنُ أبي شيبةَ (٦)؛ وهو صحيحٌ، وهذا دليلٌ أنَّه يَقصِدُ المحارِمَ، وما كانوا يُسألونَ عن غيرِ المَحارمِ، ولا يَقصِدونَ غيرَهم، لشِدَّةِ ورعِهم.

وقد صحَّ عن الحسنِ البصريِّ مِثْلُ ما صحَّ عن ابنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ ومجاهِدٍ والشَّعْبيِّ في العجوزِ، وأنَّ اللَّهَ خصَّها بوضعِ الجلبابِ (٧).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٢٩٣).
(٢) "تفسير الطبري" (١٩/ ١٧٣)
(٣) "تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٧).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٢٨٢).
(٥) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٦٣).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٢٨١).
(٧) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>