للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الضحَّاكُ: فيدُلُّ على أنَّه يتكلَّمُ عن المَحارِمِ، ما رواهُ مزاحمٌ عنه أنَّه قال: "لو دخَلْتُ على أمِّي، لقلتُ: غطِّي رأسَكِ"؛ أخرَجَهُ ابنُ أبي شيبةَ (١).

وأمَّا قتادةُ: فصَحَّ عنه ما صَحَّ عن ابنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ والشعبيِّ والحسنِ في العجوزِ (٢).

وعلى هذا المعنى لم يخرُجْ واحدٌ مِن أصحابِ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِهم مِن التابعِين؛ فقد روى عِكْرِمةُ وأبو صالحٍ: أنَّ الزينةَ الظاهِرةَ (الدِّرْعُ) (٣)، والدِّرْعُ: ثَوْبُ البيتِ لا ثَوْبُ الخروجِ؛ كما هو معروفٌ، لأنَّ الدرعَ يَظهَرُ معه الشَّعرُ والنَّحْرُ، وهو محرَّمٌ بالإجماعِ.

وصحَّ عن طاوُسٍ: "ما كان أكرَهَ إليه مِن أن يَرَى عَورةً مِن ذاتِ مَحرَمٍ، قال: وكان يَكْرَهُ أن تَسلَخَ خِمارَها عندَه"؛ رواهُ عبدُ الرزاقِ، عن ابنِ طاوسٍ، عن أبيهِ (٤)؛ وهو صحيحٌ.

وأمَّا عبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ: فإنه قد صحَّ عنه أنَّه جعَلَ ما استثناهُ اللَّهُ للعجوزِ أن تَكشِفَهُ هو جِلْبَابَها (٥)، ويتفقُ العلماءُ أنْ لا خصيصةَ للعجوزِ في ذلك، فبَقِيَ جلبابُ الوجوهِ على الشابَّةِ، ولا يليقُ بفقهِ الصحابةِ ولا بعقولِهم وفَهْمِهم ضربُ أقوالِهم في البابِ البيِّنِ الواضحِ، كحجابِ المرأةِ ولباسِها.

وعلى هذا بوَّبَ البيهقيُّ في "سُنَنِه"؛ فقد ترجَمَ على تفسيرِ ابنِ عباسٍ لقولِه تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾؛ فقال: "بابُ ما


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٢٨١).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٤١).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠٠٥).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٢٨٣١).
(٥) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٤٠، و ٢٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>