للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا بأسَ أن ينظُرَ الرجلُ إلى قُصَّةِ المرأةِ مِن تحتِ الخِمَارِ إذا كان ذا مَحرَمٍ، فأمَّا أن تَسلَخَ خِمارَها عندَهُ، فلا" (١).

وعن الزّهْريِّ أيضًا في المرأةِ تَسلَخُ خِمارَها عندَ ذي مَحْرَمٍ، قال: "أمَّا أنْ يرى الشيءَ مِن دونِ الخِمَارِ، فلا بأسَ، وأمَّا أن تَسلَخَ الخِمارَ، فلا"؛ أخرَجَهُ عبدُ الرزاقِ، عن مَعمَرٍ، عنه (٢)؛ وهو صحيحٌ.

ومَن جمَعَ أقوالَ السلفِ في جميعِ الأبوابِ، ونظَرَ فيها في سياقٍ واحدٍ، أدرَكَ حَجْمَ وَرَعِهم وتحفُّظِ نسائِهم، وأدرَكَ أنَّهم يَدُورُونَ في دائرةٍ أخرى مِن العِفَّةِ والاحتياطِ على غيرِ ما يَحمِلُهُ كثيرٌ مِن الكتَّابِ عنهم، فإنَّهم لا يُرِيدونَ مِن معنى الزينةِ التي تتعلَّقُ بالوجهِ وما حولَهُ للأجانبِ الأبعدِين، وهم لا يختلِفونَ في جوازِ كشفِ المرأةِ لوجهِها للأقرَبِينَ، ولا يخوضونَ في ذلك؛ وإنَّما يذكُرونَ الوجهَ اختصارًا لإجازةِ زينتِهِ تَبَعًا مِن الكُحْلِ والقُرْطِ والخِضابِ، ويذكُرونَ اليدَ اختصارًا ليدخُلَ فيها زينتُها مِن الخاتَمِ والخِضَابِ والسِّوَارِ، ولا يَعْنُونَ الوجهَ بذاتِه، ومَن نظَر في مجموعِ تفسيرِهم، أدرَكَ ذلك يقينًا.

الوجهُ الثالثُ: أن اللَّهَ رخَّصَ للقواعدِ أنْ يَضَعْنَ ثيابَهُنَّ، فقال: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٠]، وقد اتَّفَقَ المفسرونَ مِن الصحابةِ والتابعينَ: أنَّ الثيابَ التي رخَّصَ اللَّهُ بها للعجوزِ هي (الجلابيبُ)؛ جاء ذلك بسندٍ صحيحٍ عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ مسعودٍ وابنِ عمرَ والشَّعْبيِّ وابنِ جُبَيْرٍ والحسنِ ومجاهِدٍ وعطاءٍ وعِكْرِمةَ وقتادةَ وغيرِهم، وهؤلاءِ كلُّهم لهم تفسيرٌ للزِّينةِ؛ كما تقدَّمَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٢٨٢٩).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٢٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>